تقرير: "مستقبل منطقة الشرق الاوسط في ظل المتغيرات والمناخ الاقليمي الغير مستقر"



تقرير يتضمن آراء الكتاب والمحللين السياسيين لمجموعة معهد طهران للدراسات والأبحاث الدولية، في حلقة النقاش التي جرت يوم الثلاثاء الموافق ٢٠٢١/۸/۱۰ والتي حملت العنوان "مستقبل منطقة الشرق الاوسط في ظل المتغيرات والمناخ الاقليمي الغير مستقر".. اذ شارك عدد من المراقبين للشان السياسي حول موضوع النقاش وكانت لهم اراء مختلفة، حول المحاور التالية:
* الرئاسة الجديدة في ايران
* صراع طالبان مع الحكومة الافغانية
* التواجد الاجنبي والعلاقات العربية_الايرانية
* مؤتمر الجوار الإقليمي العراقي

حيث أكد الكاتب والمحلل السياسي د. هيثم الخزغلي أن "العلاقات الدولية في منطقة غرب اسيا شهدت اربع متغيرات مهمة، هذه المتغيرات تستدعي إعادة صياغة منظومة العلاقات بين دول المنطقة. خصوصا بين الجمهورية الإسلامية ودول الخليج بما يضمن السلم والاستقرار والعلاقات الطيبة بين هذه الدول واهم هذه المتغيرات:
١- انحسار  الوجود الأمريكي  في منطقة غرب اسيا،  مقابل تمدد الوجود الروسي والناتو خصوصا التركي لملئ الفراغ. فشهدنا انسحاب القوات الأمريكية من افغانستان وسحب منظومات بطاريات صواريخ من الكويت والسعودية والاردن.
٢- والمتغير الاخر هو تصاعد قوة محور المقاومة في المنطقة مقابل فشل المشاريع الصهيو امريكية في العراق وافغانستان وسوريا ولبنان وفلسطين ما  يستدعي ان تعيد دول الخليج تفكيرها بخيرات الاصطفاف والتحالف. 
٣- المتغير الثالث هو معركة سيف القدس وما كشفته من ضعف الكيان الصهيوني وهشاشة جيشه ووضعه الداخلي وهو كان الحليف الخليجي المعول عليه.
٤-المتغير الرابع حديث بعض الخبراء الأجانب عن قدرة إيران لتصنيع قنبلة نووية في اسابيع، مع ان رئيس الوزراء الإسرائيلي (بينت) أبلغ الإدارة الأمريكية بأن إيران تحتاج لعشرة اسابيع لتصنيع قنبلة نووية."
وأضاف "كل هذه العوامل وغيرها تستدعي إيجاد تفاهمات جديدة بين دول الخليج وآلجمهورية الإسلامية مبنية على تطمينات لهذه الدول من قبل الجمهورية الإسلامية وسحبها من المعسكر الصهيو أمريكي لجانب محيطها الإسلامي والاقليمي. وهذا ما بانت بوادره عبر تفاهمات تمت بشكل غير معلن بين الجمهورية الإسلامية وبين كل من السعودية والإمارات ومصر والاردن كل على حده، وبوساطة عراقية."

في جانب آخر قال يونس الكعبي، نائب رئيس مركز القمة للدراسات الاستراتيجية أن "المنطقة تعيش على بركان خامد لا احد يعرف متى ينفجر هذا البركان وهذا له عدة اسباب، اهمها هو تواجد الكيان الصهيوني في قلب المنطقة العربية واثار هذا الكيان في زعزعة استقرار المنطقة لضمان استقراره. الثاني هو التواجد والتدخل الامريكي المباشر في شؤون المنطقة منذ حرب الخليج في ثمانينيات القرن الماضي وانتهاءا باحتلال العراق وتواجد قواعده العسكرية في معظم دول الشرق الاوسط، هذا التواجد العسكري المباشر سبب رئيسي في عدم استقرار المنطقة. الامر الثالث هو ولاء حكام المنطقة الى الغرب وامريكا وتنفيذهم الاعمى للمخططات العربية الذي انتهى بذهابهم الى التطبيع مع الكيان الصهيوني. الرابع هو وجود خط المقاومة الشريفة في هذه المنطقة يجعل الدول الغربية وفي مقدمتها امريكا تعمل المشاكل وعدم الاستقرار حتى يتم تحميل المقاومة سبب عدم الاستقرار وايضا خدمة للكيان الغاصب في فلسطين."
وأشار يونس الكعبي أن "وصول السيد ابراهيم رئيسي الى سدة الحكم في إيران فبرغم الاراء المتفائلة في شخصية الرئيس الجديد الا انني ارى ان الغرب ودول الخليج لن يهدا لها بال في ظل وجود رئيس ايراني قوي لانها تريد اضعاف ايران ما استطاعت وهذا سيخلق توترات جديدة في المنطقة تغذيها احقاد الحكام الذين طبعوا مع اسرائيل ووجود دولة قوية تعارض اسرائيل ليس في مصلحة وجودهم لذلك سيخلقون المشاكل تلو المشاكل لكل الدول التي تتبنى خط المقاومة وهذا يفسر انسحاب امريكا من افغانستان لكي تكون طالبان على حدود ايران الشرقية لاشغالها بهذا الخطر القادم. على الساسة الايرانيين ان يدركوا حقيقة هذا المخطط وخطورة فتح جبهات جديدة في المنطقة للضغط على ايران بصورة غير مباشرة، كذلك افتعال ازمات جديدة في المنطقة وتحميل تبعاتها الى دول المقاومة"

من جهته يعتقد الكاتب والمحلل السياسي قاسم الغراوي أن "لطالما تعرضت المنطقة لتصدعات وتحديات من تدخل خارجي اثر حتى على العلاقات الاقليمية بين الدول وحينما برزت جمهورية ايران كدولة ند لدول الاستكبار شكل تحديا لامريكا والكيان الصهيوني ودفعت ايران الثمن لتلك المواقف
في ولاية رئيسي لن تتغير مواقف ايران وهي ثابته وبنفس الوقت حريصة على علاقات طيبة مع الجميع."
وأشار الغراوي ان "امريكا سبب المصائب والتوترات والقتل والموت باسنادها الحركات التكفيرية في كل بقعة من بقاع العالم حيث تركت افغانستان في مهب الريح دون تسليح او تدريب او مساندة كما تدعي ومثلها البقية التي تهددها داعش كالعراق فهي لم تسلح العراق ولم تدربه او تدعمه كما يجب واستغلت تواجدها لتعيد تمركزها هنا وهناك لمواجهة الاخطبوط الصيني العابر للقارات. نعتقد ان سلطة القطب الواحد ستضمحل قريبا  لبروز اقطاب دولية فاعلة على الساحة الدولية   كالصين وروسيا وايران وتركيا، لايمكن ان ان تكون المنطقة امنة ومستقرة مادام هناك تواجد لقوات اجنبية في الخليج ، وامنه من مسؤولية دول المنطقة بعيدا عن التدخلات الاجنبية."

في قراءة مختلفة يعتقد المحلل السياسي بهاء الخزعلي بأن "يشهد العالم تغيرين رئيسيين على صعيد الإدارة لكل من الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث حل رئيسا للولايات المتحدة رئيسا ومنظر(جوزيف بايدن) بدلا عن ترامب المعروف بفجاجته، في حين وصل إلى رئاسة الجمهورية الإسلامية السيد رئيسي وهو من التيار المحافظ والذي صاحبه تواجد عدد كبير من المحافظين لأدارة عدد من مفاصل الدولة، ومع أن الخلافات حول الأتفاق النووي ما زالت قائمة، ورغم ان الجميع يصرح بأن تم التوصل الى التفاهم بنسبة ٩٠% الى ان المعضلة تكمن في أهمية ال ١٠% الأخرى، فلا الجمهورية الإسلامية ستوقف دعمها لمحور المقاومة ولا تتنازل كذلك بوضع برنامجها الصاروخي على طاولة الحوار في فينا، ولا الولايات المتحدة سترفع العقوبات كليا أو توافق على عدم التفاوض على البرنامج الصاروخي الايراني، ولأن الطرفين مقتنعان بضرورة عدم التصعيد في المرحلة الحالية قد يذهب كلاهما الى عقد تحالفات جديدة لجعل المنطقة أكثر استقرارا، فمن جهتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية تسعى للتوجه لعقد اتفاقات أقليمية مع دول الخليج لحد من تأثير مشروع التطبيع من جهة ولأنعاش اقتصادها من جهة أخرى."
وأكد بهاء الخزعلي أن "بالرغم من أهمية العودة للاتفاق النووي، الا أن كلا الطرفين يسعى للاستفادة من عامل الوقت، فالولايات المتحدة تستفيد من عامل الوقت سياسيا لاستكمال خطواتها السابقة والتفرغ لمواجهة الصين، وإيران تستفيد من ذلك فنيا حيث تمكنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية من امتلاك وحدات (R8) القادرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة ٩٠% والتي كلما زاد عددها كلما سرع من قدرة إيران لصناعة القنبلة النووية بمدة زمنية أقصر. أما بالنسبة للتقارب الذي قد ينتج من قمة الجوار في العراق بين تركيا وفرنسا من و دول الخليج وإيران كل هذا يصب في مصلحة انشاء تلك الشبكة الاقتصادية، أما الحديث عن الذهاب لمعادلة تصفير الخلافات فذلك أمر تكمن روعته بأستحالة تحققه."

من جانب آخر قال الكاتب والمحلل السياسي قاسم سلمان العبودي أن "تحاول الولايات المتحدة الإلتفاف حول القرار البرلماني القاضي بخروجها من العراق ، بأي شكل من الإشكال. اليوم السيناريو مختلف عن السابق وذلك من خلال أقامة مؤتمر الجوار الأقليمي للعراق ، في محاولة من واشنطن بأيهام الرأي العام العراقي بأن مشكلة العراق تكمن بدول الجوار العراقي ، في أشارة واضحة جداً صوب طهران ، بعيداً عن تواجدها الإحتلالي."
واضاف العبودي أن "هذا المؤتمر بأعتقادنا يأتي في هذا الوقت لأمرين مهمين ، الإول توهين العملية السياسية من خلال حزمة العقوبات التي فرضتها واشنطن على القوى الرافضة للإحتلال الإمريكي ، والتي تستهدف تواجدهم من خلال القصف المستمر للسفارة وبعض القواعد العسكرية ، ضناً منها أن من يدفع بهذا العمل العسكري هي الإصابع الإيرانية ، التي تضغط على واشنطن من أجل مصالحها . 
والأمر الثاني ، هو أعطاء صفة شرعية للتواجد الإجنبي غير الإمريكي مثل البريطاني والفرنسي من أجل أيهام المواطن العراقي بأن واشنطن ترعى بجدية كبرى مصالح الشعب وهذا خلاف المعلن."

 في ذات السياق تؤكد الباحثة والإعلامية ضحى الخالدي بأن "لا يعدو مؤتمر دول الجوار  كونه ترسيخاً لوجود حكومة الكاظمي الذي يتصرف كوزير خارجية لا كرئيس مجلس وزراء لديه مهمات منوطة به داخلياً منها إجراء الانتخابات المبكرة والكشف عن هوية قتلة المتظاهرين وإخراج القوات الأجنبية؛ والملف الأهم في هذا اللقاء هو التعاطي مع فصائل المقاومة والحشد الشعبي في العراق."
وبيّنت "مهّد الكاظمي لهذا المؤتمر برعاية محادثات إيرانية- سعودية  في محاولة للعب دور الوسيط وعامل التهدئة في المنطقة بضوء أخضر أميركي لتتفرغ أميركا للجبهتين الصينية والروسية. يفترض دستورياً ونحن على أعتاب الانتخابات المبكرة ويفصلنا عن موعدها أقل من ٦٠ يوماً أن تكون حكومة السيد الكاظمي حكومة تصريف أعمال تهتم بتمشية قضايا الدولة اليومية، لكن بحث حكومة الكاظمي عن المنجز الدعائي الدولي يشي بمحاولة تصديرها كحكومة قادمة بعد الانتخابات المبكرة، أو كحكومة تستمر حتى الموعد الدوري الاعتيادي للانتخابات في ٢٠٢٢."
وتشير الخالدي أن "لا أتوقع أن تدعى سوريا لهذا المؤتمر الا في الساعات الأخيرة قبيل الموتمر وبضغط إيراني إن وافقت حكومة السيد رئيسي على المشاركة في هذا المؤتمر. تميل الجمهورية الإسلامية الى التهدئة والتعاون مع دول المنطقة لا سيما دول الخليج الفارسي ومنها السعودية، بمعزل عن التدخلات الأميركية؛ مالم تتمسك السعودية بكونها منفذاً للأجندا الصهيونية في ظل التعاون المكشوف مع تل أبيب."