لكتلة الاكبر في الانتخابات القادمة


كثر الحديث والاجتهاد في تحديد ما هية الكتلة الاكثر عددا في الانتخابات القادمة التي يحق لها ترشيح رئيس الوزراء، وتكلفيه من قبل رئيس الجمهورية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ التصويت على الرئيس .

وسبب هذا الاجتهاد نابع من فهم ( خاطئ ) للمادة ٤٥ من قانون الانتخابات .
تنص هذه المادة على التالي  (لا يحق لاي نائب او حزب او كتلة مسجلة ضمن قائمة مفتوحة فائزة في الانتخابات  الانتقال الى ائتلاف او حزب او كتلة او  قائمة اخرى الا بعد تشكيل الحكومة بعد الانتخابات مباشرة ، دون ان يخل ذلك بحق القوائم المفتوحة او  المنفردة المسجلة قبل اجراء الانتخابات من الائتلاف مع قوائم اخرى بعد اجراء الانتخابات) .

فالبعض اجتهد في نص هذه الفقرة وبنى تصوراته على اساس التالي .
( بما انه لا يحق لاي نائب او كتلة او حزب او كتلة مسجلة ضمن قائمة مفتوحة فائزة في الانتخابات ان تنتقل الى ائتلاف او حزب او قائمة اخرى الا بعد تشكيل الحكومة )،  فهذا يعني عمليا ان الكتلة الاكبر ستبقى هي الكتلة الاكثر عددا قبل تشكيل الحكومة، وسيحق لها ترشيح رئيس الوزراء وتقدمه الى رئيس الجمهورية ).

لكن من يتمعن ببقية نص الفقرة ( ٤٥) سيرى خلاف ذلك بشكل واضح لعدة اسباب منها:

اولا: ان الفقرة تتحدث عن نائب داخل كتلة او نائب مستقل او حزب داخل ائتلاف او ائتلاف داخل قائمة ، ولم يتحدث عن تحالف قائمة مع قائمة بعد الانتخابات باسم جديد لتشكيل كتلة أكبر .

ثانيا ؛ عند النظر الى تكملة نص المادة (٤٥) نراها تقول الاتي؛
( دون ان يخل ذلك بحق القوائم المفتوحة او المنفردة المسجلة قبل اجراء الانتخابات من الائتلاف مع قوائم اخرى بعد اجراء الانتخابات ).
في هذه الفقرة توضيح للابهام الذي يتصوره البعض .
فهذه الفقرة تفرق بين ( النائب المستقل او الحزب داخل كتلة او كتلة داخل قائمة)، وبين ( القائمة)،  
فالنائب المستقل الذي تصطلح عليه الفقرة ب( القائمة المنفردة) يحق له التحالف مع قائمة جديدة بعنوان جديد .

ومن خلال قراءة الفقرة جيدا نراها تفرق بين ( الكتلة) وبين ( القائمة)، فالقائمة هي التي تضم عددا من الكتل ، والكتلة هي التشكيلة المنضوية ضمن قائمة ، ولهذا تقول الفقرة انه( لا يحق لكتلة داخل قائمة او حتى نائب داخل كتلة الانشقاق عن قائمته والالتحاق بقائمة ثانية )، بينما يحق( لقائمتين او اكثر التحالف لتشكيل تحالف جديد قبل تشكيل الحكومة لتشكيل الكتلة الاكبر لترشيح رئيس الوزراء ).
لهذا يجب ان نقرا معاني المصطلحات بدقة والتفريق بينها للوصول الى ما تبتغيه الفقرة(٤٥) من القانون .
هذا من جانب قانون الانتخابات .

اما من جانب الدستور والفصل بين السلطات   وعند النظر الى صلاحيات المحكمة الاتحادية، وصلاحياتها الحصرية في تفسير مواد الدستور والبت في ذلك يتضح عدم دقة اصحاب الراي القائل ان قانون الانتخابات حدد الكتلة الفائزة في الانتخابات( حصرا) لها الحق ترشيح رئيس الوزراء .
فالمادة ٧٦) من الدستور تنص على ؛
( يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية ).

هذه المادة الدستورية فيها غموض وفهم مختلف بين الاطراف السياسية عن معنى الكتلة الاكثر عددا، وهل هي الكتلة الفائزة في الانتخابات ، ام التي تتشكل بعد الانتخابات )؟
فكان جواب المحكمة الاتحادية واضحا بهذا الخصوص، حيث اكدت المحكمة الاتحادية بتاريخ ٢٥/ ١٠/ ٢٠١٠م بالعدد ٢٥/ اتحادية / ٢٠١٠م ما يلي ؛
( ان تعبير الكتلة الاكثر عددا الواردة في المادة ٧٦ من الدستور تعني اما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة ، او الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من قائمتين او اكثر من القوائم الانتخابية ، ودخلت مجلس النواب واصبحت مقاعدها بعد دخولها المجلس وحلف اعضاؤها اليمين الدستوري في الجلسة الاولى الاكثر عددا من بقية الكتل فيتولى رئيس الجمهورية مرشحها بتشكيل مجلس الوزراء طبقا لاحكام  المادة ٧٦ من الدستور وخلال المدة المحددة.
وحيث ان قرار ات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية المنصوص عليها في المادة (٤٧) من الدستور ، وحيث ان المحكمة الاتحادية احدى مكوناتها وفقا لاحكام المادة (٨٩) من الدستور ملزمة بالاحكام والقرارات التي تصدرها وبناءا عليه تقرر المحكمة الاتحادية التزامها بقراريها المذكورين وفقا لما ورد فيهما بتفسير حكم المادة (٧٦) من الدستور وفقا لما ورد فيهما صدر القرار هذا بالاتفاق باتا وملزما استنادا لاحكام المادة (٩٤) من الدستور والمادة (٥) من قانون المحكمة الاتحادية العليا .

بالمحصلة النهائية فان قرارات المحكمة الاتحادية ملزمة لكل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، ولا يحق للبرلمان تشريع قانون يتعارض مع صلاحيات المحكمة الاتحادية او يتبنى هذا القانون تفسير الكتلة الاكثر عددا بما يتعارض مع تفسير المحكمة الاتحادية، كونه يعد تجاوزا على مهام تلك المحكمة وتجاوزا على مواد الدستور .

هذا فضلا عن ان المادة (٤٥) من قانون الانتخابات واضح وصريح في التوضيح الذي ذكرناه ،فانه لا يتعارض مع الدستور ولا مع تفسير المحكمة الاتحادية.
واخيرا لابد من ايضاح قضية في فلسفة المادة (٤٥) من القانون وهي:
انه بعد الانتخابات مباشرة يقوم بعض سماسرة السياسة واصحاب النفوذ بشراء بعض المقاعد في مجلس النواب ، فيقومون باغراء بعض النواب بالمال، او بعض الكتل البرلمانية المنضوية داخل القوائم الكبيرة بمناصب وامتيازات مقابل الانشقاق من تلك القوائم لتشكيل كتلة أكثر عددا ، فلهذا نص القانون على عدم السماح للنواب او الكتل داخل القوائم الكبيرة من الانشقاق والالتحاق بقوائم اخرى قبل تشكيل الحكومة .
لكن القانون نفسه اعطى الحق لقائمتين او اكثر تشكيل تحالف جديد بمسمى جديد لتشكيل الكتلة الاكثر عددا وترشيح مرشحها لرئاسة الوزراء، كما حصل في الانتخابات السابقة في تشكيل قائمتي  البناء من جهة ، والاصلاح من جهة اخرى لتشكيل الكتلة الاكبر .

ولهذا على سبيل المثال يحق لقائمة دولة القانون مع قائمة الفتح بتشكيل تحالف جديد في الجلسة الاولى للبرلمان لتشكل الكتلة الاكثر عددا وتقديم مرشحهم لرئاسة الوزراء ، وهكذا الحال بالنسبة لسائر القوائم الاخرى، ولكن لايحق لكتلة صادقون على سبيل المثال الانشقاق من قائمة الفتح والالتحاق بقائمة القانون لتشكيل كتلة اكثر عددا  قبل تشكيل الحكومة، لانها منصوية ضمن قائمة الفتح وليست مستقلة.

وهكذا الحال بالنسبة لكتلة البشائر ايضا داخل قائمة القانون لا يحق لها الانشقاق من القانون والالتحاق بالفتح لتشكيل كتلة اكثر عددا كونها جزء من قائمة ، وهكذا الحال معزوفة الكتل المنضوية داخل قوائم .