حرب الفضاء،وكذبة الصاروخ الصيني التائه..!!!!


يذكر موقع
Union of Concerned Scientists
وهو موقع العلماء المختصين في دراسة نشاطات الأقمار الصناعية، أن عدد الأقمار الصناعية النشطة في العالم هو 2062 حتى عام 2019، تمتلك الولايات المتحدة 901 قمرا صناعيا منها 176 قمرا عسكري و 523 تجاري و 164 حكومي و 34 مدني، في حين تمتلك الصين 299 قمرا صناعيا و 153 قمرا لروسيا و709 قمر لبقية دول العالم.
ويأتي أهتمام الولايات المتحدة المتزايد بالأقمار الصناعية، من خلال أعتمادها الكلي على تلك الأقمار في الملاحة والأتصالات من خلال شبكات ال(GBS)، أو بأعتبارها المصدر الرئيسي للتجسس والرصد والأستطلاع الذي يمنح الولايات المتحدة تفوقا على من يعاديها في العالم.
لكن كل تلك الحقائق التي ذكرناها أنفا لم تعد أمرا مسلما به، لأن الصين وروسيا اليوم أصبحا ينافسان الولايات المتحدة، ليس فقط في إطلاق الأقمار الصناعية لكن بصناعة وتطوير أسلحة مضادة للأقمار الصناعية، وذلك الأمر يهدد سيادة الولايات المتحدة في مجال الفضاء، وهذه الأسلحة ليست بجديدة فهي موجودة منذ سباق التسلح بين الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، وللتذكير فقط أن لب سباق التسلح بين الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة كان الوصول للفضاء، كما أن الأتحاد السوفييتي سبق الولايات المتحدة في الوصول للفضاء عام 1957 وذلك ليس كل شيء، فالإتحاد السوفيتي سبق الولايات المتحدة بصناعة وتطوير أول سلاح مضاد للأقمار الصناعية كذلك في عام 1968، وهو عبارة عن قمر يطلق عليه تسمية (Killer Satellite) حيث يطلق ذلك القمر كرات صلبة تعطب القمر المستهدف، حيث نجح ذلك السلاح بأعطاب قمرا سوفيتيا على سبيل التجربة.
وبالرغم من أنهيار الأتحاد السوفييتي وأنفراد الولايات المتحدة بذلك المجال لمدة طويلة، وكذلك أنضمام الصين لروسيا في جنيف 2002 لتقديم طلب للحد من النشاط الأميركي، بأطلاق الأقمار الصناعية والتجسس على تلك الدول بأعتباره خرقا للسيادة، الى أن الولايات المتحدة لم تستجب لطلب الصين وروسيا، مما دفع البلدين لتطوير قدرات مماثلة ليس فقط بأطلاق الأقمار الصناعية بشكل متزايد، بل بتطوير أقمار صناعية عسكرية وأسلحة مضادة للأقمار الصناعية كذلك، ونجح الصينيين بتجربة في عام 2007 بأطلاق صاروخ (أرض جو) أعطبوا به أحد أقمارهم الصناعية على مسافة 530 ميل، وتعتبر تلك المسافة مقلقة بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، حيث أنها نفس المسافة أو الارتفاع الذي تتواجد به الأقمار الصناعية الأمريكية واليابانية التي تتجسس على الصين.
وبهذا السباق الثلاثي بين أميركا وروسيا والصين، نجد أن الأخيرتين تعمل بشكل مكثف على تطوير أسلحة هدفها الأساسي إستهداف الأقمار الصناعية، مثل صواريخ (أرض جو، جو جو، ستلايت مشوش للأقمار الصناعية، أسلحة من الأرض تطلق ليزر لإعماء الأقمار الصناعية وكذلك إعطابها)، وعلى سبيل المثال أتهم الأمريكان الصين في عام 2006 بأنهم أعموا أحد أقمارهم الصناعية، كذلك تعمل الصين على تطوير تكنلوجيا أخرى وهي تطوير للقمر القاتل الذي أطلقه الروس عام 1968، يعمل ذلك القمر بطلوعه الى أحد المدارات ويترصد القمر المستهدف ويقوم بأعطابه بمجرد الأقتراب منه.
وهذا التطور الملحوظ في مجال الفضاء للروس والصينيين يمثل تهديدا جديد للولايات المتحدة، حيث تمثل الأقمار الصناعية لأمريكا عصب الحياة، و تعتمد الولايات المتحدة على الأقمار الصناعية في جميع المجالات الأقتصادية والعسكرية والملاحة والتجسس والأتصالات كذلك، ويدرك الأمريكان أن فكرة الصين وروسيا على الرغم من بساطتها الا أنها خطيرة جدا على مصالحهم.
حيث أن فكرة الصينيين والروس تركز على أن الولايات المتحدة تمتلك مصادر قوة لا تتوفر لهم في الوقت الحالي، سواء في سلاح الجو أو الأسطول البحري أو قوات المشاة أو الأقتصاد الذي يقف وراء كل تلك القوى، أنما عصب القوات المسلحة الأمريكية يعتمد على ما توفره هذه الأقمار الصناعية، من معلومات وقدرة على أمدادهم بالأتصالات للتنسيق بين القوات المسلحة وأنظمة الملاحة، التي توجه صواريخها وقنابلها الذكية بالإضافة إلى القدرة الهائلة في الرصد والإستطلاع والتجسس على كل دول العالم، وبذلك نتفهم فكرة الروس والصينيين بالعمل على أمتلاك أسلحة تمكنهم من أعطاب هذه الأقمار المتسلطة عليهم، حيث تصبح القوات المسلحة الأمريكية في حالة من العمى مما يمكنهم في اي مواجهة محتملة من مباغتة الأمريكان.
وتكمن أهمية تلك الأسلحة بأربعة نقاط رئيسية.....
*شل قدرات العدو على التجسس والمراقبة والإستطلاع وإرباك مراكز الاتصالات الملاحية لديه.
*فقدان العدو القدرة على توجيه صواريخه ومقاتلاته لبعض الوقت.
*عدم قدرة العدو من تحديد مكان وزمان الهجمات التي تشن عليه.
*شل الحياة المدنية والأنشطة الأقتصادية بأستهداف الأقمار الصناعية الغير عسكرية.
وبذلك نفهم تقدير الموقف الأميركي الذي جاء في تقرير
 (Missile Defense Review) 
في عام 2019، على مدار 108 صفحة يتحدثون به عن الخطر الكبير الناتج عن تطوير دول مثل الصين وروسيا، ودول أخرى بدرجة أقل مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية وكوريا الشمالية لقدرات وأسلحة قادرة على تدمير الأقمار الصناعية الأمريكية، وبالنتيجة قامت الولايات المتحدة بتكثيف أنشطة مضادة وتم التعبير عن ذلك في أغسطس 2019 بإنشاء سلاح الفضاء، حيث تمتلك الولايات المتحدة خمسة أفرع للقوات المسلحة مثل القوات الجوية والقوات البحرية والمشاة البحرية والقوات البرية وحرس السواحل الأمريكية، والأن أصبح لديهم سلاح الفضاء الذي تم أنشائه عام 1985 ثم ألغي عام 2002 ثم تم أعادته الى الخدمة في عام 2019، وسلاح الفضاء كما جاء على لسان قائده الجنرال (ريمند) أن الهدف من إنشائه مواجهة الخطر القادم من خصومهم، 《الذين أعتقدوا أن الفضاء سيكون كعب أخيل》 ذلك التعبير الذي أستخدمه ويقصد به نقطة ضعف في القوات العسكرية الأمريكية ثم أضاف《لكننا لن نسمح لهم بذلك》.
ومن المعروف أن الأقمار الصناعية تطلق لأربعة أغراض، (الاتصالات،الملاحة،الاستشعار عن بعد،الرصد المناخي) لكن الخوف من سباق التسلح الحاصل بتطوير أسلحة استهداف الأقمار الصناعية، عبر عنه أحد المفكرين في مجال الدراسات الأمنية وهو البروفسور(وليم مارتيل)، حيث قال 《أن خوف الأمريكان ناتج عن أعتمادهم الشديد جدا على الأقمار الصناعية أكثر من أي بلد أخر》، وبما أنه الولايات المتحدة تمتلك أكثر عدد من الأقمار الصناعية مما أعطاهم السيادة في الفضاء، لكن في مقابل ذلك الأعتماد المفرط على الأقمار الصناعية في أنشطتهم الأقتصادية والعسكرية، أصبح نقطة ضعف مع تطور هذه الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، وذلك أيضا ما عبر عنه (وليم مارتيل) حين قال 《أن هذه الأسلحة تستطيع أن تعيد الولايات المتحدة للقرن التاسع عشر》، ويقصد بتلك العودة أي قبل ثورة الأتصالات وقبل الثورة الهائلة للأقمار الصناعية، وذلك يحرم الولايات المتحدة الأمريكية من أهم مزاياها في مواجهة خصومها وهي الأقمار الصناعية.
وما يقلق الولايات المتحدة ليس فقط الهوس الصيني بأمتلاك تلك الأسلحة، ولا القدرة الاستثنائية لدى الروس الذين سبقوا تأريخيا أميركا في الوصول للفضاء، لكن ما يقلقها فعليا نقطتين مهمتين،
* أن هذا النوع من الأسلحة وهذه التكنولوجيا بدأت تنتقل الى دول أخرى أقل في (نادي الفضاء) كالجمهورية الإسلامية الإيرانية وكوريا الشمالية، ونادي الفضاء يقصد به الدول التي تمتلك القدرة على أطلاق أقمار صناعية عبر قدرات صاروخية ذاتية، ومن هنا نتفهم أهتمام الولايات المتحدة في تحييد البرنامج الصاروخي الأيراني.
* أن الصين والروس لديهم الرغبة في تحييد التفوق للولايات المتحدة في الأرض كما هو الحال في الفضاء، ويعتبر أبرز شيء في التفوق الأمريكي في الأرض هو حاملات الطائرات، لذلك بدأ كل من روسيا والصين بتكثيف جهودهم لتطوير أسلحة تستطيع إعطاب حاملات الطائرات الأمريكية.

ومن خلال ذلك نتفهم الحملة الإعلامية التي شنها الإعلام الغربي حول الصاروخ الصيني الأخير (لونغ مارش B5)، وذلك لأن النظام الملاحي الجغرافي المسمى  (GPS) هو نظام امريكي يعتمد على وجود المحطة الفضائية الامريكية الدائرة في الفضاء.
أما أطلاق الصاروخ الصيني الاخير كان الغرض منه ايصال معدات و اجهزة وبرامج مهمة جدا لبناء محطة (CSS) الفضائية الصينية والتي دخلة مرحلة التنفيذ، لتشرع المحطة في العمل خلال عام ٢٠٢٢، حيث سيكون هناك  محطة (GPS) صيني تماثل وتنافس المحطة الأميركية. 

وكانت كل تلك الضجة التي أحدِثت حول الصاروخ الصيني تسعى للتغطية على المحطة الصينية.

اما بالنسبة لنهاية ذلك الصاروخ الصيني التائه!!!!!!
فقد تناثرت أجزائه المصنوعة من مادة سبائك الألمنيوم والتي تحترق بسهولة في الغلاف الجوي، وسيكون هبوطه في مياه البحر المحيطة بـ"خط الطول 72.47 درجة شرقا وخط العرض 2.65 درجة شمالا(تقريبا في المحيط الهندي حسب خارطة غوغل)، في منطقة تسمى مقبرة الصواريخ، كما مرسوم لها بالضبط، وهذا ما ذكرته وزارة الخارجية الصينية.