اسرار السوشيال ميديا وكيف تدمر حياتنا ومجتمعاتنا


عندما ياتي رجل يمتلك الحكمة والمعرفة، ويقول انتبهوا على اطفالكم وبناتكم وشبابكم من مواقع التواصل الاجتماعي يقولون عنه " رجل دقة قديمة" وحتى الاب او الام عندما يحاولان منع اولادهم من الافراط باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي يواجهان من قبل الجميع بانهما من العصر الحجري.
لا يا سادة هذا الجيل هو ذو قلب حجري وعقل صخري، انا اختصاصي في السوشيال ميديا وتصميم المواقع الالكترونية، وتقريبا اطلعت على ادق تفاصيل هذا العالم بحكم عملي الذي اعتاش منه، وايضا فهمت الية عمله ونظام تطوره، واسباب انتشاره، واساليب الاستفادة منه، ان كان للحكومات او الشركات، في السياسة والتجارة والتسويق وصناعة النظم والراي العام.
فالسوشيال ميديا هي سلاح ذو حدين، فالمسدس يمكن ان تدافع به عن نفسك، لكن ان تركته بيد طفل او من لا يجيد استعماله، ربما يقتل نفسه او يصيب به منهم حوله، ومواقع التواصل ان عرفنا استخدامها هي مفيدة بالعمل والتجارة والنشر وتطوير المجتمع، اما اذا اسانا استخدمها حتما سندمر حياتنا وايضا المجتمع.
نحن لا نعلم مقدار الضرر الذي يصل الى عقلنا الباطني من مواقع التواصل الاجتماعي، فعلم الأعصاب وعلم النفس يؤكدان، إن العقل الباطن مسؤول عن كافة الأشياء المهمة، نظرا لكونه اذكى من العقل الواعي وهو بالختام الذي ياخذك حيث يريد حتى دون ان تشعر انه يسيطر عليك، والسوشيال ميديا عملها السيطرة على العقل الباطن، ولو فهمنا ما زرع بعقلنا الباطن لادرطنا ان الغالبية في العالم العربي تحولت الى قنابل اجتماعية موقوتة، لا نعرف اي ساعة تنهار وتخرج شرورها الى المجتمع، فالامر خطير للغاية، وخاصة في البلدان التي تعيش انهيار اقتصادي وانحلال وتفكك اسري، وغيابا للتنمية البشرية.
والاهم نحن بالعالم الثالث لا نمتلك تقنيات تفكيك هذه الرسائل المشفرة التي تبث بنمط معين من الالوان، وسرعة في الحركة، فالعين التي لا تلتقط الا 24 حركة في الثانية وصلنا اليوم الى 60 حركة صورية في الثانية، الله اعلم ماذا يوجد من صور لا ندركها، او نجد تفسير لها.
لذلك لا تستغربوا انتشار الجريمة واتساع بقعة الانحراف، والانقلاب على القيم والابتعاد عن الاخلاق، وتدمير المجتمعات.
اولا كل فرد يستخدم السوشيال ميديا، وتحديدا المجانية، هو يكلف هذه الشركات في اليوم الواحد، ما لا يقل عن ثلاثة دولارات امريكية، مثلا شركة الفيس بوك، التي تقدم لنا انشاء الحساب مجاني وبكل بساطة، هي تتكلف ثمن هذا الحساب في السنة ما لا يقل عن خمسمائة دولار امريكي، يعني شركة الفيس بوك قبل ان تنتج وتربح من الاعلانات، وبيع معلومات الافراد للشركات التجارية العمالقة وللدول، كانت الحكومة الامريكية تدعم وتمول هذه الشركة بمئات مليارات الدولارات، كاستثمار طويل الامد.
هل تعلمون ان امريكا يتفدق اليها ما يقارب الــ900 مليار ميجا من المعلومات يوميا، تضمن هذه المعلومات، كل تفاصيل حياتنا من سلوكيات، وما نخفيه باعماق انفسنا من رغبات ومشاعر، وماذا نحب ونكره، وماذا نريد ان نشتري، وكيف نتصرف ونعمل،  وكم نجني وكم نصرف، وحتى كم سنعيش من العمر.
هل تعلمون ان معالجة مثل هذه المعلومات وتخزينها يحتاج الى مساحة تعادل لبنان وفريق عمل لا يقل عن مليون متخصص في هذا المجال، اضافة الى تقنيات متقدمة ومتطورة للغاية، نحن المختصين لا نعرف عنها شيئا الا بمقدار ضئيل للغاية لا يتجاوز الواحد بالمائة.
فالفيس بوك تستفيد منه اولا الحكومة الامريكية، لفهم شعبها، ومراقبته، ومعرفة احتياجاته، والية تفكيره، وتفكير شعوب الدول الصديقة والمعادية لها.
الاستخبارات الامريكية المركزية استطاعت ان تحصل على ادق التفاصيل، عن عدد خلايا وجوهنا، ولون عيوننا، وبصمات صوتنا، وهي قادرة ان تغتال اي شخص باي مكان متواجد بالعالم من خلال ربوتات صغيرة الحجم، قد تكون حتى على شكل حشرة متقنة الصنع والشكل للغاية. 
الحكومة الامريكية قادرة ان تختار الاشخاص وان تنصب الحكام او تسقط الحكومات، فقط من خلال ما تحصل عليه من رسائل متبادلة بين المتحدثين وبناء على هذا الاستنتاج ترسم سياستها العالمية، لكل دولة في العالم.
الشركات العمالقة، هي تصنع منتوجاتها الغذائية والتقنية والصناعية وتسعرها وتحدد مدة استخدامها، بناء على احصاءات تجمعها من المشتركين المتواجدين على وسائل التواصل الاجتماعي.
هل تصدقون ان المنظمات الاجرامية والتي تعمل باوامر مباشرة من الادارات المختصة الحكومية، هي تتلقى هذه المعلومات والارشيف من الجهات المختصة عن كامل الاشخاص المستهدفين، خاصة ان كان هؤلاء الاشخاص بمواقع سلطوية رسمية او غير رسمية، مما يسهل عملية ابتزازهم والتحكم بهم كي ينفذوا الاوامر التي تطلب منهم.
هل تصدقون ان هناك عملية مسح كامل لعقولنا، وهم قادرون على وضع رسائل صوتية او صور مشفرة، تغير من نمط تفكيرنا وسلوكنا، وتسمح لهم التحكم بكافة ردات فعلنا وما سنقوم به من افعال.
 هل تصدقون ان كمية المعلومات المحددة التي يستيطع ان يتلاقها الانسان منذ استخدامه الانترنت حتى وفاته ، هي وضعت بطريقة محددة كما وزمنيا، تصل الى كمية 12 مليار ميجا بايت، وبعدها يحصل الانفجار او ما يعرف بالستكة الدماغية، لذلك ينتشر مرض الزهايمر او الخرف بكثافة وباعمار اقل مما هو معتاد، اضافة لانتشار واسع لما يعرف بالسكتة الدماغية.
هل تصدقون انه لو هناك بلد ما امتنع عن شراء اجهزة الموبايل واللوحية، ان الحكومة الامريكية فرضت قوانين بتقديم هذه المنتوجات مجانا وتامين الانترنت، على نفقة الحكومة الامريكية، وهذا الامر يتم باساليب مختلفة ومبررات مختلفة، منها مثلا الانترنت حق للجميع، التطور والتكنولوجيا حق للجميع، هناك جمعيات مهمتها تحت ذرائع مختلفة منح وايصال هذه التنولوجيا.
هل تصدقون ان اكثر من خمسة ملايين حالة طلاق كل عام في العالم العربي، وتفكك اسري سببها وسائل التواصل الاجتماعي، واعداد لا يمكن احصائها، ادت الى انفصال بين احباب ومرتبطين.
هل تصدقون ان سبب ارتفاع الجريمة المنظمة بالعالم هو السوشيال ميديا، وان تسعون بالمائة من الذين انتسبوا الى داعش والمنظمات الارهابية الاجرامية هو من خلال السوشيال ميديا.
ولمن لا يصدق يمكن مراجعة عشرات الدراسات في الكونغرس الامريكي نفسه وجمعيات امريكية مختصة حول خطورة السوشيال ميديا.
ويمكن مطالعة الردود على هذه الدراسات التي اكدت ان الحكومة الامريكية لم تسمح بانتشار السوشيال ميديا الا بعد ان تاكدت بان الشعب الامريكي لا يتاثر الا بنسبة 7% فقط.
في امريكا لن تجد على وسائل التواصل الاجتماعي، صور خاصة للفتيات او الشباب، كما هو شائع في العالم العربي، او ان هناك من يصور طعامه ومنزله، ومناسباته الخاصة.
في امريكا قوانين صارمة للغاية تتعلق بالسوشيال ميديا، تحمي الشعب الامريكي من انتهاك الخصوصية، وهذه الخصوصية ليست التي نعرفها بانهم لا يسربون المعلومات، بل من نوع مختلف كليا يتعلق بطلب اضافة صديق او ارسال رسالة، الى ما هنالك من امور تتعلق بالشروط التي تفرضها منصات السوشيال ميديا بناء على القانون الامريكي، وبالرغم انها تطبق حرفيا بامريكا الا انه للاسف لا شيء منها يطبق في غالبية الدول وتحديدا في دول الشرق الاوسط المستهدفة اساسا.
لذلك عليكم ان تتوقعوا الكثير، ليس نحن بغالبيتنا من نربي اولادنا او نشرف على تطويرهم ورسم سلوكياتهم، بل هناك مختصين في العالم هم الذين يعرفون ابنائنا اكثر من معرفتنا بهم.
علينا ان نعلم اولادنا بان لا يسمحوا للسوشيال ميديا بان تسيطر عليهم وتنتهك خصوصياتهم التي تعرض حياتهم للخطر وامراض نفسية لا تعد ولا تحصى.
من يخاف على اولاده وعائلته فاليوزع هذا المقال، ولا يخشى ان يقال عنه انه متخلف او من العصر الحجري.
انا اعلم ان الامر صعب لكن علينا ان نحاول، فاولادنا وعوائلنا يستحقون المحاولة تلو المحاولة، لذلك يجب ان نفهم ونتعلم الية التعامل معها وكيف نستخدمها، وهذه مسؤولية رسمية على الاهل، ويجب على الدولة والمجتمع ان يخلق مؤسسات وجمعيات مختصة تساهم بالتوعية، على وسائل التواصل الاجتماعي.
فنحن في عالم جديد ومختلف كليا عما عرفناه وعشناه.