الرد على مايكل نايتس في مقالته الطاقة بين الإقليم وبغداد
ان شخصية بحجم مايكل نايتس يجب ان تؤخذ اراءة بنظر الاعتبار، ان فهمنا ما يمثله هذا الشخص او ما تعمله المعاهد العالمية للدراسات مثل راند او وواشنطن او بركينك. الولايات المتحدة او اوربا والعالم يعيش في ازمة فعلية بسبب ارتفاع الطاقة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وصل سعر غالون البنزين في أمريكا الى حدود 6 دولار والذي انعكس ذلك على معظم مرفقات الحياة الأخرى.
بايدن او غيرة من الزعماء هم الان يحاولون إيجاد حل لتلك الازمة من خلال الضغط والطلب على الدول المنتجة للنفط وبالخصوص أوبك لزيادة الإنتاج النفطي وبالتالي خفض أسعار النفط وتجاوز الازمة الأوكرانية.
لذلك ان الازمة التي حدثت في العراق بعض اصدار قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان العراق وان قرارات المحكمة الاتحادية هي غير قابلة للطعن وواجبة التنفيذ بحسب المادة 94 من الدستور العراقي.
ان موقف نايتس متحيز للإقليم عندما وصفة بشبه المستقل وهذا يعني هم من يريد ذلك وبرر هذا القول بنقطتين هما:
1 – ان الإقليم يتمتع بحكم ذاتي منذ طردهم لقوات صدام، وهنا أراد ان يجافي نصف الحقيقة الاخر وهو ان الامريكان ساعدوا الاكراد في طرد الجيش العراقي من الإقليم بينما الامريكان هم نفسهم ساعدوا صدام وسمحوا له باستخدام الطائرات دون خط 32 وكان ذلك بعد قرار مجلس الامن حظر الطيران، لاستعادة الجنوب الذي انتفض أبنائه وطرد ازلام صدام.
2 – برر نايتس انهم بحاجة لمحفزات وضمانات لكي (يتنازلوا) ويعودوا الى الاندماج مع بغداد، غريب جدا انه يقر ويلمح الى وقوفه مع الانفصال الا في حال إعطائه النفط والذي هو خارج استحقاقه، لكن نستطيع ان نتساءل، ما هي مصلحة العراقي من التنازل عن النفط؟ وما هي مصلحة المواطن العراقي من بقاء الإقليم مع العراق؟ والجواب لا مصلحة بل مضرة.
بعد ذلك، يطعن نايتس بالدستور العراقي وعلى غرار طعن سلطة الإقليم، ويصف المواد (110 و112 و115) بالمثيرات للجدل، متناسي ان المستشارين الامريكان كانوا هم على علم ودراية بكل حرف كتب اثناء تشريع الدستور، كما انهم مشرفين على كتابته، وحيث خالف الدستور في تفسيره له حيث نصت المادة (93-ثانيا) على اختصاصات حصرية للمحكمة الاتحادية ففي ثانيا (تفسير نصوص الدستور) وبالتالي لا نايتس ولا سلطة الإقليم لها الحق في تفسيره.
لم يتذكر نايتس او تناسى قرار المحكمة الاتحادية في ولاية تكساس، وفي قرارها، عن دعوى قضائية رفعتها الحكومة العراقية على حكومة الإقليم في محاكم ولاية تكساس الأمريكية بشأن ملكية النفط في ناقلة وصلت إلى شواطئ هذه الولاية، عام 2015، محملة بنفط مباع من قبل الإقليم، والتي قضت تلك المحكمة الامريكية لصالح بغداد، وبالتالي ان انتقاد نايتس او سلطة الإقليم لقرار المحكمة الاتحادية العراقي هو ينصرف أيضا الى انتقاد المحكمة الاتحادية الامريكية التي قررت بقرار مشابه للقرار الذي أصدرته المحكمة الاتحادية العليا العراقية.
كما في نفس الوقت طعنه ينصرف الى القضاء التجاري الدولي، حيث رفع العراق عام 2014 دعوى قضائية ضد تركيا لدى هيئة تحكيم دولية إثر إعلان أنقرة البدء بتصدير نفط كردستان العراق إلى الأسواق العالمية دون إذن بغداد، حيث تم تصدير مليون برميل من نفط الإقليم الى إيطاليا في نفس العام.
للعلم ان تصدير النفط من قبل سلطة الإقليم يكون باستخدام الانابيب العراقية دون علم الحكومة الاتحادية، وقد وقّعت العراق وتركيا اتفاقية خط أنابيب العراق-تركيا في عام 1973، مع بعض التحديثات في الأعوام 1976 و1985 و2010. وتنص هذه الاتفاقية على أن الحكومة التركية "يجب أن تمتثل لتعليمات الجانب العراقي فيما يتعلق بحركة النفط الخام الآتي من العراق في كافة مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية".
ومنذ أوائل عام 2014، سمحت أنقرة لـ «إقليم كردستان العراق» بتصدير النفط بشكلٍ مستقل عن وزارة النفط الفدرالية من أجل استبدال تحويلات الميزانية العراقية المحتجزة، وربط خطوط الأنابيب الكردية بخط أنابيب العراق-تركيا في بلدة فيش خابور الحدودية الخاضعة لسيطرة «إقليم كردستان العراق». وقد مكّن ذلك «إقليم كردستان العراق» من بيع نفطه مباشرةً إلى السوق والاحتفاظ بالإيرادات؛ وتَعتبر بغداد هذه الممارسة غير قانونية.
وبعد صدور قرار التحكيم الذي كان لصالح الحكومة الاتحادية والذي يلزم تركيا بتعويضات عن جراء اخلالها بالعقود والاتفاقيات التي تخص تصدير النفط، قال نايتس أيضا وفي مقال اخر له، ان الولايات المتحدة الامريكية سعت الى اصدار قرار لا يكون لصالح الحكومة الاتحادية لكن وبعد ان صدر القرار مخالف لهوى أمريكا، سعت الى الضغط على رئيس الوزراء في عام 2019 وهو عادل عبد المهدي لتأجيل تنفيذ القرار او الغاءه مقابل الدعم القوي في مسائل أخرى. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يدفع المسؤولون الأمريكيون باتجاه الإزالة النهائية للقاعدة العسكرية التركية في بعشيقة، العراق، حيث احتلت القوات التركية مخفراً أماميّاً جديداً يطل على الموصل في عام 2015.
يعود نايتس ليذكر ان سلطة الإقليم تشكك في (دستورية الحكومة العراقية الخاصة بالنفط وسلطتها القضائية) وهذا يعني انه أيضا غير راضي عن النفط والقضاء أيضا، ومن يعرف السياسة الامريكية يعلم لما نايتس غير راضي عن قرار المحكمة ومثال على ذلك انه غير راضي عن قرار التحكيم الذي إقامة العراق ضد تركيا وعلل ذلك لأنه يضر بحلفاء أمريكا.
الوضع العالمي الان متأزم جدا بعد الازمة الأوكرانية وارتفاع أسعار الطاقة وبالخصوص أسعار النفط الذ لامس 120 دولار وادى الى أزمات اقتصادية داخلية في أمريكا وأوروبا والذي شكل ضغطا على السلطات عندهم وبالتالي ان أي انقطاع في امداد النفط ومنها انقطاع امداد النفط المصدر من الإقليم الذي يكون 500 الف برميل يوميا (هذا المعلن فقط وقد يكون اكثر من ذلك) سيؤثر وبشكل واضح في ارتفاع أسعار النفط العالمية وبالتالي سيزيد من الازمة الاقتصادية العالمية، فلذلك من مصلحة أمريكا ان تحافظ على بقاء امداد النفط او السعي لزيادته كما حدث في زيارة بايدن الأخيرة، ولذلك يدعو نايتس سلطة الإقليم الى الجلوس مع بغداد والتفاوض لحل الازمة وديا، وكما يدعو أيضا الى تقاسم البنى التحتية لخطوط انابيب النفط التي يصدر منها النفط لتركيا الى ميناء جيهان وبهذا كانه يدعو الحكومة الاتحادية الى التنازل عن أنبوب النفط الذي يسيطر عليه الإقليم في تصديره للنفط.
نايتس مهتم جدا للوضع الاقتصادي الكردي بينما لم يعر أي أهمية للوضع العراقي الاقتصادي، فهو خائف على الغاء قرضين تم الموافقة عليهم من قبل الإقليم وتفاقم الازمة الاقتصادية فيه، للعلم ان قروض الدين هو من صلاحية الحكومة الاتحادية والذي يجب ان يمر عبر مجلس النواب الاتحادي للموافقة عليه وحسب المادة 61 من الدستور الذي بين مهام البرلمان في المصادقة على القوانين وان الاقتراض يكون بقانون.
في المادة 106 من الدستور والتي بينت ان تؤسس بقانون هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية، ومن مهامها هي التحقق من عدالة توزيع المنح والمساعدات والقروض، لكن الاتحاد لم يعلم الحكومة الاتحادية ولا تلك الهيئة بالقروض التي قدم عليها.
اما المادة 110 والتي بينت السلطات الاتحادية الحصرية ومنها في أولا على رسم السياسة الخارجية وسياسات الاقتراض، وهنا أيضا تم خرق الدستور من قبل الإقليم لأنه اقترض دون علم الحكومة لاتحادية.
ثم يصرح جهارا نهارا بوجوب التدخل الخارجي سواء كان الأمريكي او غيرة بالشأن الداخلي العراقي وبالخصوص في اهم مؤسسة في الدولة الا وهو القضاء لأجل تمييع قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن عدم دستورية قانون النفط والغاز لإقليم كردستان ويدعو لمساعدة أربيل ضد بغداد، وكما يتدخل أيضا بالشأن الداخلي ويكيل الاتهامات حسبما يشتهيه وحيثما تكون مصلحته
ويعزوا قرار المحكمة الاتحادية الى تدخل ما يسميهم بالمليشيا التابعة لإيران ويشكك حتى في وقت إقرار القرار وهذا نقد كبير يوجه ضد قرار تفسيري صدر من اهم مؤسسة في البلاد وهي المحكمة الاتحادية العليا وفي موضوع يخص تفسير نص دستوري، ويعزو ذلك لضغط من قبل إيران لإحداث
شرخ بين أمريكا وحلفائها من الاكراد والعراب (وقد يقصد بقوله –العرب-الى إشارة غير مباشرة بان الجنوب وهم من المكون الشيعي بأنهم غير عرب) ويقصد أيضا ان مصلحة حلفاء أمريكا مقدم على الدستور والقانون المحلي او الدولي، فالضابط هنا مصلحة أمريكا وحلفائها فقط.
اما توصيات نايتس فهي:
1 – يوصي بتدخل مجلس الامن القومي الأمريكي بالعراق واعتبار الموضوع يخص الامن القومي الأمريكي ويدعو الى عقد اجتماع برعايتها بين الأطراف العراقية والكردية، وهذا تدخل واضح وسافر وغير مرغوب فيه لأنه يكون على حساب أموال الوسط والجنوب.
2 – يدعو لتشكيل مجموعة تواصل دولية ذات تفكير مماثل، أي انه يدعو لتدخل دولي بموضوع داخلي للضغط على بغداد والتنازل عن حقوقها الدستورية، أي انه يعترف ضمنيا ان الحق مع بغداد لكنه يفضل مصلحة حليفة الكردي، وبالتالي يعتبر بغداد لا يعتبرها حليف.
3 – يدعو لطمأنه كردستان، وهذا يعني انها ستضغط على الحكومة الاتحادية لتمييع او تخفيف تطبيق قرار المحكمة الاتحادية بشأن عدم دستورية قانون النفط والغاز رقم 22 لسنة 2007 لإقليم كردستان.
4 – يدعو أيضا الى الدعم الفني الأمريكي بشأن دمج القطاع، أي ان الإقليم سيشترك مع بغداد في شان تصدير النفط عن طريق إدخالهم في شركة سومو النفطية مع تغيير النظام الداخلي لها بما يتلاءم مع مصالح الإقليم، كما انه اقترح أيضا وهذا غريب (ان الحقول النقطية في الإقليم تكون تحت إدارة بغداد)، ويقترح ان تقدم أمريكا قروض ميسرة للإقليم، انظر لحجم الاهتمام الأمريكي لسلطة الإقليم.
5 – يدعو لتشجيع الحد من مخاطر العقوبات المفروضة على روسيا، وهنا يقصد البنى التحتية في الإقليم وهي الانابيب النفطية التي تسيطر عليها شركة روزنفت الروسية بنسبة 60 % من قبل الشركة لأنها ومن المحتمل ان تتعرض للعقوبات وبالتالي تتأثر الصادرات النفطية العالمية بنقص امدادها بالنفط.
6 – تحوير التدابير الطارئة الى حوار جديد مهم قائم على المساومة، وهنا يدعو الى تشريع قانون النفط والغاز تحت املاء امريكي كردي يذيب الخلافات ويضمن مصالح حلفاء أمريكا وهم السلطة في الإقليم.
الخلاصة
1 – يجب عدم الاخضاع الضغوط الخارجية وتقديم مصلحة العراق وانفاذ الدستور وقرار المحكمة الاتحادية والقوانين العراقية والا لا تكون دولة بل فوضى كل يحكم على هواه.
2 – يجب تشريع قانون النفط والغاز الاتحادي بما يضمن مصالح الحكومة الاتحادية والمواطن العراقي.
3 – إعادة تفعيل قرار التحكيم بشأن أنبوب التصدير النفطي واستغلاله من قبل الإقليم والذي صدر ضد تركيا.
4 – رفع دعوى ضد الإقليم بشأن انتهاكها للدستور بشأن المواد الدستورية (106 و110) بشأن اقتراض الإقليم خارج علم الحكومة الاتحادية.
التعليقات