هناك من يقول ان الشيعة يزدادون قوة والمسيحيين يزدادون إحباطا


بداية العنوان سمعته من صديقي وهو شخصية مارونية لها قيمتها العلمية والفلسفية، اضافة الى مكانتها الاقتصادية،

 

منذ ان وقع الاتفاق السعودي الايراني، وهناك حالة احباط لدى شريحة كبيرة من الموارنة وغيرهم، وهو احباط طبيعي خاصة ان الاولويات ستختلف كليا، وحتما هناك مرحلة اعلامية وخطاب سياسي جديد، لكن ما ذنب الشيعة في هذا الاحباط،  دعونا نتحدث بهدوء ونفكر بصوت مرتفع، فالحقيقة وحدها هي التي تحررنا مما نحن فيه.

 

وبعد هذا المقال أن ثبت للشيعة يد في إحباط المسيحيين، أنا أتعهد بأن أكتب عن الموضوع كما يحب المسيحيين والموارنة تحديدا.

 

دعوني أبدا من نفسي، الكثير يعرفون ويعلمون أنه رغم شيعتي إلا أنني كنت أحد صقور النضال اللبناني، الذي مشي عام 1988 خلف الجنرال ميشال عون الماروني الذي كان ينادي بالعلمانية، بل من شدة إيماني بلبنان والطروحات العلمانية التي كان يطرحها الجنرال ميشال عون، أصبحت المطلوب الأهم للسوريين، اعتقلت بعد اعتقال أنطون حرب في البوريفاج 1994، تدمرت حياتي، وعشت مطاردا لا أعرف الاستقرار أو أن أمكث في عمل لفترة طويلة كون الجميع كان يخشى من غضب السوريين، عند عودة الجنرال عون من منفاه الباريسي، على ماذا حصلت، لا شيء، بل حتى العلمانية التي كان ينادي بها الجنرال عون، تلاشت وانتهت وأصبح يتحدث عن حقوق المسيحيين فقط.

 

اليوم لو سألني ابني، أخي، صديقي، أي شيعي آخر، أنه يريد أن يسير خلف أي زعيم ماروني، سأقول له وبكل صراحة، لا تسير، لأنك ستضيع وقتك وجهدك، وربما تضيع حتى حياتك، وبالختام ليس لك مكان، ولن تحصل على شيء، فالبلد طائفي.

 

هل هنا ألحق علي أنا الشيعي أم الحق على الموارنة، الذين لم يحافظوا على امثالي من دعاة العلمانية في لبنان ولم يحتضنوهم، كي يبقى هؤلاء العلمانيون هم الملح الصالح والخميرة التي تنتج خبزا، ويبقى لبنان كما أراده الآباء المؤسسون للهوية اللبنانية.

 

وعندما يتخلى أي مجتمع او حتى حزب او تيار، عن هؤلاء الذين يعجنهم الزمن ويخمرهم الوقت، حتما سينتهي ويتلاشى وكانه غير موجود، وهكذا تقول التجارب وهكذا كتب التاريخ.

 

حتى في غالبية الأحزاب المارونية الأساسية أين فيها مناصب الشيعة، كي يكون لهم دور في صناعة القرار والتفاعل، او اقله الاختيار بين الموافقة والاعتراض.

 

حتى عندما قام حزب الله بالحلف الرباعي مع القوات اللبنانية 2005، قام الموارنة بانتخاب التيار الوطني الحر، وعندما رضخ حزب الله للأغلبية المسيحية التي اختارت بالإجماع الجنرال عون والتيار الوطني ووقع التفاهم معه، وبعد أن اختلف المسيحيون بين بعضهم وتحديدا الموارنة طلع الحق على حزب الله الشيعي.

 

أصلا منذ 1926 وحتى بعد وضع الدستور اللبناني، لم يسئل الشيعي عن رأيه في الدستور بل منح رئاسة مجلس النواب وكتب عليها، يعود لرئيس الجمهورية، في الحالات المنصوص عنها في المادتين 65 و77 (المعدلة بالقانون الدستوري 17/10/1927وفي 8/5/1929وفي 21/9/1990) من هذا الدستور، الطلب إلى مجلس الوزراء حل مجلس النواب قبل انتهاء عهد النيابة، وعندما سال الشيعي “يعني ساعة يلي بزعل رئيس الجمهورية، بيعزلني من رئاسة المجلس، قيل له أشكر ربك أنه صار معك هوية وفي حدا معترف فيك ويلي عم تاخده بلبنان لم ولن تحصل عليه في إي دولة عربية ثانية”.

 

حتى دخول الفلسطينيين إلى لبنان وتشريع عملهم الفدائي، لا علاقة للشيعة فيه، أصلا لم يكن موجودا حينها أي قرار أو صوت للشيعة، والرواية التي يعرفها الجميع وموثقة من قبل عشرات الشخصيات المارونية وبعض العرب تؤكد ومنتشرة، أن قائد الجيش العماد أميل بستاني ذهب إلى القاهرة عام 1969 حامل في يد مشروع اتفاق القاهرة وفي يد أخرى مشروع الترشح للرئاسة. فقال له الرئيس جمال عبد الناصر: “مش مطلوب أد كده يا سي إميل”

 

الموارنة هم الذين كانوا مسؤولين عن السياسة في لبنان منذ عام 1926 حتى اندلاع الحرب الأهلية، أصلا لم يكن يوجد أي حيثية للطائفة الشيعية في القرارات السياسية، وعندما اندلعت الحرب الأهلية، أول من دفع الثمن هم الشيعية الذين لم يكونوا يملكون لا المال ولا حتى “عصا” كي يدافعوا بها عن أنفسهم، وهناك عبارة شهيرة انتشرت بعد مجازر النبعة وتل الزعتر والكرنتينا، أنه الشيعة المحرومين صاروا مرحومين “أحسنلهم من هالحياة الملاينة تعب”.

 

عام 1997 سمعت من احدهم، الموارنة يريدون لبنان على شكل طائفتهم، فاصبحت كل طائفة تريد لبنان على هيئتها.

 

حتى عندما دخل الجيش السوري إلى لبنان، دخل بطلب من القيادات المارونية، التي رتبت دخول السوريين إلى لبنان وسعت لدى المحافل الدولية وهي التي أقنعت الأمريكيين والفرنسيين، وقدمت الحلول ووضعت الاستراتيجيات ورسمت الخطوط العريضة، الشيعة في تلك الحقبة لم يكن لهم دور لا في وزارة الخارجية وليس لديهم لا نفوذ ولا حتى اتصالات دولية.

 

حتى الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982، الذي لا يختلف عليه اثنان أنه السبب الأساسي والرئيسي في دمار لبنان الكامل، حيث تؤكد كافة الدراسات أن القصف العنيف الذي تعرضت له العاصمة اللبنانية هو قصف منهجي، ليس لإخراج الفلسطينيين بل لتدمير بيروت بالكامل، والجميع يعرف من اجتمع وخطط وساهم ونفذ هذا الاجتياح. وحتما ليس للشيعة أي صلة أو دور، بل كان دورهم أن يقتلوا يوميا في سجون ومعتقلات العدو الإسرائيلي.

 

منذ عام 1980 حتى عام 2000 عندما تسال حتى الطفل الشيعي بحال قصفت إسرائيل أين تختبئ يقول لك عند المسيحيين، لأنه في اللاوعي يعرف بان إسرائيل لن تقصف المسيحيون، بينما بالمقابل إسرائيل تستخدم حتى اليورانيوم المنضب ضد المناطق الشيعية وجميعنا نعيش ضمن الوطن الواحد، “ويسألوك ليش الشيعة ما بيدفعوا ضرائب، ليش الشيعة شعروا شي يوم انهم مواطنين متلهم متل غيرهم، ليش الشيعة كان عم يبقى معهم بعد ترميم بيوتهم يلي كانت تقصفها اسرائيل يوميا حتى يدفعوا ضرائب، ليش شو كانت الوظائف يلي حاصل عليها الشيعة”.

 

كلامي لن ينتهي خاصة أنني أعرف أدق أدق التفاصيل، وأنا أقولها صراحة ونحن في عصر الإنترنت والعولمة والمعلومات، وكل شيء مكشوف، ومباح للجميع، وأسأل الجميع إن كان باستطاعتهم إيجاد واحد بالمائة من تجاوزات قامت بها الطائفة الشيعية إبان الحرب الأهلية، بينما ستجدون المصائب مما قام فيه البقية ضد بعضهم البعض وضد الشيعة.

 

منذ أن وجد الإنسان والأمم والدول تتبدل، وهذه سنن كونية طبيعية، وإن لم يتقدم الشيعة اليوم حتما سيتقدم غيرهم، مع أن تقدم الشيعة اليوم في المنطقة والعالم بعد اضطهاد وظلم، وتغييبهم لأكثر من ألف عام، هو نوع من انواع العدالة السماوية، وجميع الدراسات الاجتماعية وحتى الدينية تثبت أن الشيعة هم من أكثر المذاهب اعتدالا وانفتاحا، والسلفيين يكفرون الشيعة ويتهمونهم بالرافضة بسبب انفتاحهم على كافة الأديان والمذاهب ومنها المذاهب الفلسفية.

 

والجميع يعلم ويعرف ويفهم، أنه لا يوجد خلاف شيعي ماروني.

 

ولا ذنب للشيعة في الإحباط المسيحي، القيادات المسيحية هي المسؤولة عما وصل إليه المسيحيون، دعونا نتعاون معا ومع بقية اللبنانيين من أجل بناء الوطن مرة ثانية، وطن بلا تمييز مواطن درجة أولى ومواطن درجة ثالثة.