من يملك مفاتيح بغداد؟ مشاركة أم مغالبة؟!


توجهت نهاية الشهر الماضي إلى بغداد لحضور مؤتمر الحوار السنوي الذي دعت إليه مؤسسة الرافدين العراقية والتي يترأس مجلس إدارتها السيد زيد الطالقاني وهو شخصية نجفية شابة صعد نجمها مؤخرا في الساحة العراقية. 

 

كنت على وشك الاعتذار بسبب بعض المنغصات إلا أنني تغلبت على سأمي وضجري وتوجهت لحضور المؤتمر. 

 

لفت انتباهي الإدارة الجيدة للمؤتمر وتنوع الحضور حيث تعددت الانتماءات والاتجاهات من الأردن ولبنان وإيران وتركيا والمغرب ومصر ومن أوروبا. 

 

من خلال ملاحظاتي على الحضور كما بعض النقاشات أن العراق انطلاقا من موقعه وثوابته اختار أن يكون ساحة لقاء بين الكيانات المتنوعة في المنطقة دولا أم اتجاهات فكرية وسياسية وهو دور يملك بالفعل مقوماته فالجميع بحاجة للحوار وتبادل الرسائل كما أن هذا لا يلغي دوره المستقل أو يجبره على التصرف كدولة محايدة مثل سويسرا!!. 

 

العراق بالفعل ومنذ عقود هو نقطة التقاء لكل هذه الدول والكيانات. 

 

من ناحية أخرى فما زال البعض يتصرف وكأن إيران بمفردها تملك مفاتيح بغداد وتقرر مصيرها بينما يقول الحضور المتنوع غير ذلك. 

 

السيارات في العراق أغلبها أمريكي أو ياباني أو كوري أما السيارات الإيرانية فمحدودة التواجد أما سوق الملابس الجاهزة فيكاد يكون تركيا بامتياز حتى في مصر. 

 

ربما كان التواجد الإيراني في سوق الأغذية متفوقا على غيره. 

 

كان رفيقي المصري في المؤتمر يركز على ضرورة تقليص النفوذ الإيراني في العراق وعندما سألته أين تقع المدائن عاصمة الإمبراطورية الفارسية التي تحوي إيوان كسرى لم يعرف!! حيث فوجئ عندما أخبرته أنها على بعد عشرين كيلومتر شرقي بغداد. 

 

بعد يوم من وصولي إلى النجف الأشرف أعلن خبر وفاة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الحكيم وهو بالمناسبة المرجع العربي الوحيد أما الثلاثة الآخرون فأحدهم إيراني والثاني باكستاني والثالث أفغاني. 

 

بعد الدفن توجهت لأداء واجب العزاء المقام بمسجد السهلة بالكوفة لأسرته الكريمة حيث كانت تربطني بالمرجع الراحل علاقة شخصية حيث استقبلت من أبنائه وأحفاده استقبالا حافلا ربما بسبب انتمائي المصري. 

 

في دار الضيافة حيث كنت أقيم التقيت بوفد إيراني رفيع المستوى من علماء الدين الإيرانيين من مكتب قائدة الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي جاء لأداء واجب العزاء. 

 

والمعنى أن العلاقة بين (التشيع الفارسي والتشيع العربي) طبيعية ولا تمر بحالة جفاء أو انقطاع. 

 

الرهان على فصل المسارين –الفارسي والعربي- عبر مغازلة هذا والتكشير في وجه ذاك لا تعبر عن جدية أو رصانة في التعاطي مع أمور من العيار الثقيل كما أن المبالغة في فهم الشعار الذي رفعه بعض ثوار تشرين: إيران برة برة خارج إطار اعتزاز العراقيين بهويتهم يعد خطأ شنيعا خاصة إذا جرى البناء عليه. 

 

يعتز العراقيون بهويتهم ولهم في ذلك كل الحق فهم أصحاب إرث حضاري مثبت على أرض الواقع وهم أيضا يتولهون حبا لأئمة أهل بيت النبوة كما يعتزون بواقعهم فهم أصحاب فكر وثقافة كما هم أصحاب إرث من الصبر والمعاناة وليسوا مجرد قرود في قفص تملك إيران مفتاحه يبحثون عن سيد جديد.