قراءة في نتائج متوقعة للقمة المصريّة الاماراتيّة الاسرائيلية: تبديد مخاوف كيان نووي محتل واستبدال الامن القومي بالأمن الابراهيمي
يُعّلُمنا مشهد الصراع العربي -الاسرائيلي، ومنذ خمسينيات القرن الماضي عديداً من الدروس والاستنتاجات، عرفناها ولكن لمْ ندركها او نتّعظ بمغزاها وبفحواها، عَرِفها و وظّفها وبجدارة الكيان الاسرائيلي، لترسيخ وجوده وتعزيز مصالحه . مِنْ اهم هذه الدروس والاستنتاجات هو “توظيف سلاح الزمن”.
أدركَ الاسرائيليون أنَّ سلاح الزمن في صراعهم مع العرب فعّالٌ ولصالحهم، بقدر سلاح البندقية والبارود: كُلمّا أمعن الاسرائيليون في غيّهم وتمادوا في احتلالهم، وزادوا من جرائمهم، قصُرت المسافة بينهم وبين بعض العرب، وازداد هؤلاء قُرباً منهم و تقرّباً اليهم، لا بل بادروا في تبنّي هموم ومخاوف و أمن اسرائيل .
جميع العرب كانوا في حالة حرب مع الكيان الاسرائيلي، حتى بداية سبعينيات القرن الماضي، حين كان حجم الكيان يغطي ثلثي ارض فلسطين المحتلة. الآن اصبح حجم الكيان مغتصباً لأرض فلسطين، ومنتهكاً لحقوق الشعب الفلسطيني، وممتداً لأجزاء من لبنان ( مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر)، وسورية (الجولان)، و طامعاً بالمزيد وبالهيمنة على المنطقة ، واصبح بعض العرب ليس فقط في حالة اعتراف وسلام مع اسرائيل، وانما في حالة تعاون امني وعسكري واقتصادي مع اسرائيل!
هل نتوقّع مِنْ اسرائيل، التي استخدمت وبجدارة سلاح الزمن، ان تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني وأنْ تعرفْ حدودها، وتتوقف عن اطماعها بالتمدد وبقضم الاراضي، و تجنّبكم شرورها في المستقبل ؟
زيارات رئيس وزراء الكيان، الامس في الامارات ، واليوم في مصر ، ولقاءات على ارفع المستويات الرسمية، لا تخرجُ عن المسار العربي المتعاون مع اسرائيل، ومشاركتها همومها ومخاوفها ازاء الاتفاق بين امريكا و ايران، من اجل العودة الى الاتفاق النووي، ونيّة امريكا بقبول شروط ايران، وشطب الحرس الثوري الايراني من قائمة الارهاب الامريكية. لم يتوقف المسؤولون الاسرائليون عن التعبير علناً، في الصحف وفي اللقاءات الرسمية الدولية، عن مخاوفهم من ذلك.
على ما يبدو، يستعين رئيس وزراء الكيان بدور اماراتي او خليجي ومصري من اجل الضغط على الادارة الامريكية للتريث في رفع اسم الحرس الثوري الايراني من قائمة الارهاب (وهذا ما تقاتل من اجله اسرائيل) ، ومن اجل الاطلاع والتشاور مع امريكا حول شروط الاتفاق. اسرائيل وبالاتفاق مع الامارات ومع مصر تسعى الى طرح الموضوع على الادارة الامريكية ليس من بوابّة الامن الاسرائيلي، وانما من بّوابة أمن المنطقة او الامن الاقليمي للمنطقة ،لعلها تفلح بتعديل الموقف الامريكي.
ماذا تعني مُخرجات هذه القمة، وعلى افتراض صحة ما ذهبنا اليه في التحليل و الاستشراف؟
تعني اولاً، نهاية فعليّة ، وليس نظرية، لوجود ” أمن قومي عربي”، والاستعاضة عنه بأمن شرق اوسطي او بأمن اقليمي ابراهيمي، يصبحُ فعّالاً طالما تتحدث اسرائيل عن الحرس الثوري الايراني وعن الملف النووي الايراني، وطالما تعُرب اسرائيل عن مخاوفها! وكأنَّ اسرائيل ليست كيانا مُحتلْا ونوويا، ويمنع اي تدخل او استفسار أممي او دولي عن شأنه النووي ،وكأنَّ اسرائيل ليست ترسانة نووية و محتلّة وتعتدي يومياً على سيادة الدول وترتكب يومياً جرائم اغتيال وقتل بحق الشعب الفلسطيني و بحق غيرهم .
تعني ثانياً أنَّ الادارة الامريكية ضاقت ذرعاً بمطالب اسرائيل التعجيزية تجاه المفاوضات الايرانية الامريكية ،ولم تعدْ مطالب مقبولة، لذا تستعين اسرائيل الآن بدولة الامارات وبجمهورية مصر من اجل ايصال رسالة للادارة الامريكية ،مفادها بانَّ موضوع الملف النووي الايراني هو موضوع يهّمْ المنطقة ودولها ، ولا يهّمْ اسرائيل وحدها .
تعني ثالثاً أنَّ تسويّة القضيّة الفلسطينية يجب أن تتمْ وفقاً للرؤية الاسرائيلية وليس وفقاً لقرارات الشرعية الدولية او وفقاً لاتفاقيات التسويّة المُبرمة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل وبرعاية امريكية ودولية، وان المقاومة ضّدْ الاحتلال الاسرائيلي في غزّة او انتفاضة قادمة في الضفة الغربية سيعتبران ضدّْ السلام في المنطقة وسيدرجان من ضمن مشاريع ايران ومشاريع حزب الله في المنطقة.
التعليقات