لماذا يصطف الرئيس أُوردغان مع امريكا و الغرب في حربهم في أُوكرانيا ؟!
ماهو السبب الذي دَفعَ الرئيس اوردغان بمنع الطائرات الروسيّة من استخدام الاجواء التركية للوصول الى قواعدها في سوريا ؟
يعلمُ الرئيس اوردغان جيداً بأنَّ القرار لا يسّرُ الرئيس بوتين ، و توقّع هو و آخرون بردود فعل و اجراءات وتصريحات غاضبة من الطرف الروسي . وهذا ما لمْ يحدث ،بل العكس ،حيث استقبل الرئيس بوتين يوم الاربعاء ،الموافق ٢٠٢٢/٤/٢٧ ،مكالمة هاتفية من الرئيس اوردغان تناولت الابعاد الانسانية في الحرب الاوكرانيّة .
قرار اصطفاف الرئيس اوردغان مع امريكا والغرب في الحرب الدائرة بينهما وبين روسيا في أوكرانيا أستندَ على عامليّن : الاول هو حسابات أوردغان السياسية داخلياً و خارجياً ،والعامل الثاني هو التحالف التأريخي الاستراتيجي بين تركيا و امريكا و الغرب .
ماذا في حسابات الرئيس اوردغان ؟
أمران أساسيان في حساباته : الانتخابات الرئاسيّة و التشريعية في العام القادم ،و حرصه على الفوز و الاستمرار في السلطة ، و الامر الثاني هو الحالة الاقتصادية و الحيلولة دون تدهور العُملة التركية . ويعلمُ الرئيس اوردغان بأنَّ امريكا و الغرب وحلفائهما في المنطقة ، وليس روسيا ، هم القادرون على مساعدة تركيا في حال تدهور العملة وسقوطها ، وهم القادرون على تنشيط الحياة الاقتصادية ،من خلال الاستثمار والتوسّع .
العامل الثاني الذي دفعَ اوردغان بالاصطفاف مع امريكا والغرب في حربهما مع روسيا في اوكرانيا هو التحالف التأريخي الاستراتيجي الذي يربط تركيا بأمريكا و بالغرب ، ويترتب على هذا التحالف استحقاقات و التزامات ،يجب احترامها ،خاصة في اوقات الحرب و الشَدة ، و أصطفاف تركيا الى الجانب الامريكي في الحرب الدائرة في اوكرانيا هو تكريس لهذه الالتزامات و الاستحقاقات المفروضة على تركيا ،بأعتبارها عضواً في الناتو ، وبأعتبارها حليف استراتيجي لامريكا وللغرب ( انظر في ذلك ،مقال السيد عبد الباري عطوان ،رأي اليوم الاكترونية ، بتاريخ ٢٠٢٢/٤/٢٥ ، ) .
لتركيا مصالح محدودة و معدودة مع روسيا ،لا تتعدى جانب التبادل التجاري ، والوجود او الاحتلال التركي في سوريا ، وهي مستعدة ،على مايبدو ، بخسارة متوقعة في ميزان التبادل التجاري ،قد تقع بسبب الموقف السياسي لتركيا تجاه الحرب الغربية -الروسيّة في اوكرانيا . كما انَّ الملف السوري اصبح ملفاً خاسراً لتركيا وعبئاً سياسياً و عسكرياً عليها ، وتحرص تركيا ،كما اعتقد ،ان تحافظ على وضعها الراهن في سوريا ،حيث قواتها و انصارها من الجماعات المسلحة في أدلب وعفرين وغيرهما . تظّنُ تركيا بأنَّ روسيا الآن منشغلة عسكرياً وسياسياً و اقتصادياً في معركتها مع امريكا و الغرب في اوكرانيا ، لذا فهي ( اي روسيا ) غير مستعدة في فتح جبهة أخرى في سوريا من اجل تحرير أدلب وكامل التراب السوري ، حتى و إنْ كانت سوريا مستعدة وفي كامل الجهوزيّة لبدء معركة تحرير أدلبْ وباقي المدن والقرى المحتلة من قبل تركيا و الجماعات الارهابية المسلّحة .
ستوظّف امريكا الموقف التركي من الحرب في أوكرانيا ، والذي تميّزَ بالاقدام على حرمان الطيران الروسي من استخدام الاجواء التركية عند قصده سوريا ، من اجل التأثير على دول المنطقة وخاصة المملكة العربية السعودية ، كي توافق المملكة على زيادة رفع الانتاج النفطي ،والتعويض عن النفط الروسي . ولا نستبعد من ان يطرح الرئيس اوردغان الموضوع امام قادة المملكة ، خاصة وان الكونغرس الامريكي اعلن في الامس عن عزمه بتشريع قانون لمقاضاة أوبك امام المحاكم الدولية لابتزازها الدول المستهلكة للنفط !
ليس من شأن القدر ان تتزامن هذه الاحداث و المواقف ، تزامنها وليد ارادات وحسابات سياسيّة مدروسة .
كذلك ليس من شأن القدر ان تنفرد دولة قطر ،من بين الدول الخليجية ،لتشارك في مؤتمر الدعم العسكري لاوكرانيا ،والذي ضّمَ اربعين دولة ،اجتمعت ،بمبادرة و بقيادة امريكية اوربية في المانيا يوم الثلاثاء المنصرم والموافق ٢٠٢٢/٤/٢٦.
موقف قطر في المشاركة يتناغم مع الموقف التركي المصطف مع امريكا و الغرب في معركتهم العسكرية والسياسية والاقتصادية في اوكرانيا .
التعليقات