بلاسخارت تقاتل


عادة ما تكون تقارير ممثلي الامم المتحدة متوازنة في تقييمها للاحداث السياسية او الامنية او غيرها في مختلف البلدان، لتنقل وجهات نظر جميع الاطراف، وتنقل وجهات النظر تلك بحيادية وانصاف،  حتى تحافظ على استقلالها ومحل ثقة واحترام جميع الخصوم السياسين .

بلاسخارت في تقريرها الذي قدمته لمجلس الامن الدولي كانت تعبر عن وجهة نظر واحدة فقط، وهي وجهة نظر القوى الفائزة، وتدافع عن المفوضية الانتخابية بكل قوة، في الوقت الذي اعلنت فيه المفوضية ان دفاعها السابق عن العملية الانتخابية ونزاهتها وشفافيتها كانت غير دقيقة، فبعد تغيير ما يقارب من عشرة مقاعد انتخابية ، والغاء عشرات المحطات ، ولا زالت بعض المحطات الاخرى ينتظرها الالغاء والعد والفرز اليدوي، نجد ان بلا سخارت تعبر عن هذه الانتخابات بانها ( تمت ادارتها فنيا بشكل جيد وهي عملية تستحق المفوضية واخرون التقدير بشانها ، وفي الواقع يمكن ان تكون الانتخابات البرلمانية الاخيرة نقطة انطلاق مهمة على مسار اطول نحو استعادة ثقة الشعب ).

بل نجد بلاسخارت تلوح الى التهديد ازاء اي عملية (تغيير نتائجها عبر الترهيب وممارسة الضغوط ) فانها ( لن تسفر الا عن نتائج عكسية وعلى كل الاطراف المعنية عدم الدخول في هذا المنزلق).

فممثلة الامم المتحدة لم تتطرق الى الادلة التي قدمتها لها الاطراف المعترضة على نتائج الانتخابات ، وهي ادلة من القوة بمكان استطاعت المفوضية والهياة القضائية ان تغير العديد من المقاعد في مختلف المحافظات العراقية .

ان عدم الاشارة الى تلك الطعون ودقتها يبعد ممثلة الامم المتحدة عن حياديتها ، بل ويعبر عن تاثير البعد السياسي في هذه الانتخابات وما رافقها من تزوير .

لا نعرف موقف ممثلة الامم المتحدة اذا ما قررت الهياة القضائية  الغاء اكثر من ستة الاف محطة انتخابية اغلقت بعد ساعات من موعد الاغلاق الرسمي .

اكثر من ذلك ، ما موقف بلاسخارت فيما لو اتخذت  المحمكة قرارات من شانها ان تغير نتائج الانتخابات بما لا يتماشى مع قناعة بلاسخارت والقوى الفائزة ، فهل تكتب تقريرا يشكك بنزاهة وحيادية الهياة القضائية والمحكمة الاتحادية ، وتعتبر هذه القرارات جاءت تحت التهديد والضغط كما المحت في تقريرها ؟.
ثم لماذا لا نعتبر تهديد او تحذير بلاسخارت من تغيير النتائج هو تهديد وضغط على الجهات القضائية ايضا؟. 
مما يدلل على عدم حيادية ممثلة الامم المتحدة انها لم تشر من قريب او بعيد الى عمليات القمع والقتل الاعتداءات التي تعرض لها المعتصمون من قبل قوات مكافحة الشغب ، في الوقت الذي ابدت تعاطفها مع قصف منزل رئيس الوزراء والذي لم يخلف ضحايا كما خلفت عمليات قتل المتظاهرين .

ان القفز على الحقائق الفنية في تزوير الانتخابات كما اعترفت بها المفوضية والهياة القضائية وعلى ضوئها تم تغيير بعض النتائج، وتجاوز عمليات القتل التي حصلت كلها تؤكد عن الابعاد السياسية وعدم الحيادية في حركة بلاسخارت .

نعم هنالك نقطة مهمة لابد من الاشارة اليها وهي ان مبعوثة الامم المتحدة اكدت على ضرورة تشكيل حكومة شاملة ، بمعنى انها تحاول ( لملمة) الاشكاليات وتعويض المتضررين من الانتخابات بالمشاركة في تشكيل حكومة توافقية .

الاغرب ما في تقرير بلا سخارت انها ترفض الشك بالنتائج وتعلل ذلك الرفض بانه يؤدي الى الريبة ( والريبة تؤدي الى التصعيد )، بمعنى ان جينين بلاسخارت تطالب المسروقة اصواتهم ان لا يشككوا بالنتائج خوفا من الريبة التي تؤدي الى التصعيد ، وهذه سابقة خطيرة في مهمة الامم المتحدة التي تحاول ان تراقب بحيادية بعيدا عن اي تصعيد يحصل .

بالمحصلة النهائية ان الريبة التي تخشاها بلا سخارت من تشكيك المعترضين على النتائج قد حققتها بنفسها في تقريرها هذا، وان التصعيد سيحصل ربما بسبب هذا التقرير اكثر من التشكيل باصل النتائج.