مصطلحات الخطاب الإقليمي تغزو المناهج السورية
ما من شكّ أنّ دولة إيران الصّديقة دولة تعمل على الدّفاع عن الحقوق العربيّة سواء في فلسطين المحتلة أم غيرها كسورية ولبنان ، وهي تسعى لخلق توازن قوى وأستطيع القول : كسر حالة التّوازن والرّدع الاستراتيجيّ مع الكيان الصّهيونيّ لمصلحة المقاومة ، في الوقت الذي أسهمت فيه دول المنطقة بتمرير صفقات مع الصّهاينة ضدّ الحقوق العربيّة ، وحاليّاً تسعى لتمرير صفقة القرن ، وهي تعدّ إيران دولة احتلال لجزر إماراتيّة ، ولا يغيب عن الأذهان موقفها من إيران أثناء الحرب العراقيّة الإيرانيّة ، ومن الأهمّيّة بمكان الإشارة إلى أنّ علماء النّفس في الدّول الاستعماريّة قد وضعوا استراتيجيّات وتقنيات عمليّة تهدف لمخطّطات استعماريّة ، وعلينا كشفها والتّعامل معها انطلاقاً من فهمنا لها ، وتضييقها قبل أن تغزو مفاهيمهم شوارع بلادنا وتحقّق غاياتها ومراميها الخاصة والعامّة عبر وسائلَ عديدةٍ ، وليست ضمن التّربية فحسب ، وبالتّالي يقع على عاتق التّربية عبء كشفها في مناهجها وليس تسويق الأفكار الغربيّة في مناهجنا ، وحتّى في وسائل إعلامنا عبر البرامج أو المسلسلات ، ولو أمعنّا النّظر في كتاب التاريخ الذي دُرّس في المناهج العربيّة السّوريّة منذ عام 2011، وما ورد فيه من حديث عن دولة الإمارات ، والذي جاء فيه قول المؤلّفين في الصّفحة مئة وثلاث وعشرين :
" اتّسمت السّياسة الخارجيّة لدولة الإمارات في عهد الشّيخ زايد بالحياد ، والعمل على توثيق العلاقات مع البلاد العربيّة ، لكنّها واجهت احتلال إيران في عهد الشّاه لجزر أبو موسى وطنب الصّغرى وطنب الكبرى عام 1971، بسبب غنى الإمارات بالنّفط أصبحت عامل جذب للاستثمارات والعمالة العربيّة والأجنبيّة في مختلف الميادين . وبعد وفاة الشّيخ زايد عام 2005م انتقل الحكم لابنه خليفة بن زايد آل نهيّان " .
مع العلم أنّ الدّولة السّوريّة لا تذكر أنّ هناك احتلالاً إيرانيّاً ، فهل هذه المقولة التي انفرد الكتاب بها تنسجم مع السّياسة العامّة للدّولة وفكرها ورؤاها السّياسيّة ؟ ، إنّ ما ذكره الكتاب بعيد عن أهداف السّياسة العامّة للدّولة وآرائها ورؤاها ، ويتبادر إلى الذّهن كثير من الأسئلة :
لماذا عبرت هذه المصطلحات في المناهج ؟ وما الغاية من تضمينها في المناهج السّوريّة ؟ ومن المسؤول عنها ؟ وكم من مبالغ قد تقاضاها لعبور هكذا مصطلحات ؟ وادّعى السّيّد وزير التّربية قبلاً الدّكتور هزوان الوز أنّه لم يطلع على المناهج كما أنّ كتاب التّاريخ الذي يُدرّس هو من عهد الدّكتور علي سعد وزير التّربية الأسبق ، وقد سبق لي التّنبيه لمتضمّنات كتاب التّاريخ وغيره من كتب في المناهج العربيّة السّوريّة وما تحويه من مؤشّرات المؤامرة في المناهج العربيّة السّوريّة الجديدة عبر دراسة تقدّمت بها بعنوان : ( مؤشّرات المؤامرة في المناهج العربيّة السّوريّة الجديدة ) ، وسُجّلت في النّافذة الواحدة في وزارة التّربية برقم: / 12722 / تاريخ : 21/ 6/ 2015م ، وأُحيلَت للمركز الوطنيّ لتطوير المناهج ، ودراسة أخرى بعنوان " آفاق تطوير وزارة التّربية في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة " ، الموجّه لمقام رئاسة الوزراء والمحال من رئاسة الوزراء للسّيّد وزير التّربية برقم 2025/ م. خ/ق تاريخ 8/8/2017 م ، والمسجّلة لدى مديرية حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في وزارة الثّقافة ، وحصلت بموجبها على شهادة إبداع بعنوان : " آراء تطويرية لبعض وزارات الدّولة في الإعلام والتّربية والمصالحة الوطنيّة في ضوء مشروع الإصلاح الإداريّ للسّيّد رئيس الجمهوريّة في سورية " ، برقم (3911 ) لعام 2018م ... وتمّ تقديم توضيح وإشارات لمتضمّنات الكتب المدرسيّة وما تحويه من دعوات للثّورة ، والدّعوة إليها عن قصد وربّما عن غير قصد ، وهي تسعى لخلق فكر يساهم في توليد الإرهاب ، وتجلّى ذلك في كتب المواد الآتية للصّفّ الثّالث الثّانويّ العام بفرعيه العلميّ والأدبيّ : اللغة العربيّة وقضايا فلسفيّة واجتماعيّة ونفسيّة والتّربية الوطنيّة والتّاريخ والتّربية الإسلاميّة والمسيحيّة ، ومضمون الكتب المدرسيّة يمسّ أمن الدّولة الذي تعرّضت له الكتب المدرسيّة عن قصد أو غير قصد وقد وجدت المؤامرة الأخيرة ضالّتها في تغيير المناهج منذ أيّام الدّكتور علي سعد وزير التّربية الأسبق ، لتعبّر عن تطلّعات الغرب والدّول الاستعماريّة في تغيير وعي أبناء سوريّة والجيل النّاشئ الجديد بدعوى الرّبيع العربيّ الذي خطّطت له الولايات المتّحدة الأمريكيّة والكيان الصّهيونيّ تحت مسمّيات عديدة مختلفة كالفوضى الخلاّقة أو العالم الجديد أو الشّرق الأوسط الجديد ، فأُقحِمت فيها مصطلحاتٌ ومفاهيمُ لخلق مفاهيمَ تربويّةٍ لم يكن الشّارع السّوريّ ليألفها لولا تلك المناهجُ ، التي عرجت للتّحريض على الثّورة ، ولم توضِّح طبيعةَ المؤامرةِ رغم تعرّضها لما حدث في العراق وليبيا واليمن وتونس ومصرَ والسّودان وتجاهلَت ما حدث في سوريّةَ من ممارسات إرهابيّة وجعلت من إيران دولة احتلال في كتاب التّاريخ الحديث والمعاصر .
وإضافة لما سبق فإنّ من الأهمّيّة بمكان الإشارة أيضاً إلى ما ذكرتُه في مقالات منشورة بعضها في ( الوكالة العربيّة للأخبار ) وبعضها الآخر في ( الحدث اليوم ) ، ولقاءات تلفزيونيّة في الفضائيّة السّوريّة ومنها في برنامج ( حديث النّاس ) ضمن حلقة بعنوان : ( تقويم المناهج التّربويّة ) بتاريخ 6/2/2017 م وغيرها ، إضافة لنشره في ( الجزء الثّالث ) من بحثي الذي جاء تحت عنوان : " التّطبيع السّوريّ الإسرائيليّ القادم ( اتّفاق السّلام ) بداياته ، أبعاده واستراتيجيّاته بتاريخ 16/12/2020م .
وإنّ النّاتج الفكريّ الذي ترغب به وزارة التّربية يدعو إلى التّحريض الثّوريّ وبما يخالف سياسة الدّولة في
كثير ممّا تمّ طرحه ، وبحثي يتناول واقع وزارة التّربية في سورية ، والوزارة تسعى لتحسين وتطوير المناهج لديها ، لكنّ ذلك الواقع يحتاج إلى عمل جماعيّ لا يقتصر على الوزارة فحسب ، ذلك أنّ الوزارة تحتاج إلى إعادة إصلاح في هيكليّتها واستراتيجيّاتها ، علماً أنّ دراستي تأتي ضمن سياق مشروع الإصلاح الإداريّ الذي دعا إليه السّيّد رئيس الجمهوريّة أمام السّادة الوزراء في اجتماعه بهم خلال الجلسة الأسبوعيّة الدّوريّة لمجلس الوزراء .
الباحث والمحلّل السّيّاسيّ : أ.
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية
المصدر: موقع حدث اليوم
التعليقات