لماذا علم الاجتماع الديني الشيعي؟


  يعنى "علم الاجتماع الديني الشيعي"الذي نعمل على تثبيت أسسه وقواعده المعرفية، بدراسة الشيعة كظاهرة اجتماعية سياسية ثقافية مركبة، أو ما اصطلحنا عليه "النظام  الاجتماعي الديني الشيعي"، ولايعنى بدراسة التشيع كمذهب ديني عقدي فقهي، وبالتالي؛ فإنه لايتناول السجال الديني المذهبي في أبعاده العقدية والفقهية أو السجال التاريخي العلمي؛ بل يعمل على مقاربة تأثيرات هذه السجالات إنسانياً واجتماعياً وتنظيمياً وثقافياً وسياسياً، أو ما يمكن أن نصفه بمخرجات علاقة المذهب والتاريخ والسياسة بالمجتمع الشيعي. كما يقارب علم الاجتماع الديني الشيعي موضوعات من قبيل: الهوية الشيعية وتوصيفاتها الدينية المذهبية الاجتماعية، ووعي المجتمع الشيعي بالمذهب وبنفسه، وسلوكه المذهبي أو المنسوب للمذهب، والسلطة الدينية الاجتماعية الضابطة للسلوك الفردي والاجتماعي المذهبي، والمؤسسات المتفرعة التي تنتمي الى الاجتماع المذهبي الشيعي، وعلاقة الشيعة - كظاهرة مذهبية اجتماعية -  بالسياسة والاقتصاد والتعليم والاعلام، وتأثير السلوك الاجتماعي المنتسب للمذهب الشيعي بالمحيط الخارجي المذهبي والديني والاجتماعي والسياسي والقانوني، وغيرها من الموضوعات ذات الصلة.

   وهناك دافعان أساسيان للتاسس لعلم اجتماع ديني شيعي:
   الاول: أهمية دراسة "النظام الاجتماعي الديني الشيعي" دراسة علمية معمقة؛ بوصفه أهم ظاهرة اجتماعية دينية سياسية في العالم على الإطلاق.
   الثاني: عدم قدرتة مناهج علم الاجتماع الديني الوضعي على دراسة النظام الديني الاجتماعي الشيعي أو الظاهرة الدينية الاجتماعية الشيعية دراسة موضوعية تكشف بالفعل عن حقائق الظاهرة وبناها المركبة. ولم تأخذ دراسات علم الاجتماع الديني التي تناولت الظاهرة الدينية الاجتماعية الشيعية بنظر الاعتبار فرادة هذه الظاهرة، ولم تراع خصوصياتها المركبة، حتى تلك التي كتبها باحثون مسلمون وعرب، وبينهم شيعة. بل أخضعت الظاهرة لمناهج علم الاجتماع الديني التقليدي ومفاهيمه ومعادلاته ومصطلحاته، كأية ظاهرة أخرى؛ ما أدى الى وقوع هذه الدراسات في فخ التشويه و عدم الموضوعية.  

    ويستدعي هذا الدافعان التأسيس لفرع منهجي جديد لعلم الاجتماع الديني، منتزع من خصوصية الظاهرة الاجتماعية الدينية الشيعية، يمكن أن نطلق عليه "علم الإجتماع الديني الشيعي"؛ بالنظر لميزاتها المتفردة عن الظواهر الدينية الاجتماعية الأخرى، في خلفيات تأسيسها وتطورها وسياقات حركتها التاريخية وأنساقها الداخلية والخارجية و دقة هيكليتها وقوة أواصرها، فضلاً عن احتوائها على عوامل الديمومة والمناعة والتمدد.