المقاومة وإنجاز التحرّر الوطني !!
إخراج الولايات المتحدة الأميركية من أجهزة الدولة مهمة تاريخية نوعية، أشارت إليها عبارة وردت في كلمة السيد هاشم صفي الدين والأكيد أنها لم تُلق جزافا، ولم تكن تداعيا عفويا في خطاب إلى جمهور نخبوي من كادرات التعليم والتربية، خصوصا في ضوء ما نعرفه عن رصانة الخطيب وكلامه المحسوب والمسؤول، وهو يتحدث بوضوح عن معركة ومهمة تاريخية تستكمل فعل المقاومة وتتوّج التحرير بالتحرّر المجتمعي والوطني الناجز.
أولا: إن إنجاز المهمة التاريخية التي دعا إليها السيد صفي الدين، هو موضوعيا وتاريخيا رهن بقيام جبهة وطنية شعبية عابرة للطوائف والمناطق اللبنانية، جديرة بقيادة معركة تطهير لبنان من الاختراقات الأميركية الغربية، وتنقية البنيان العام للدولة والمجتمع من أدران العمالة ومنصات الوصاية. ومن غير ذلك لن ندخل عهد قيام دولة وطنية مستقلة فعلا، تليق ببلد المقاومة والانتصارات التاريخية، التي أعطت ثقلا توعيا ومهابة تاريخية لائقة للبلد الصغير بفضل المقاومة وشهدائها، وما صنعته من تحولات في محيطها وبيئتها الاستراتيجية في التحريرين الأول والثاني. واليوم هي تقدم أمثولتها في تحرير ثالث، بقهر الخنق الاقتصادي، وكسر الجبروت الأميركي الغربي سند العدوانية الصهيونية المهزومة ومكسورة الهيبة أمام المقاومة، التي يقودها حزب الله. وآخر صفحات التراكم في التحولات، كسر الحصار بنجدة بحرية إيرانية تحت سيوف الردع الصاروخي عبر البحار.
ثانيا: بناء الجبهة المنشودة يجب أن ينطلق من حصيلة الفرز الموضوعي، الذي حقّقته حركة الصراع، تحت لواء برنامج لإعادة البناء الوطني بمضمون استقلالي تحرّري، يمكن أن يتبلور في حاصل مشورة وطنية بين القوى الحليفة للمقاومة ، والمستعدة لخوض المعركة، والاشتراك في حمل تبعاتها السياسية والنضالية، بدءا من التفاهم على مضمون برنامج إعادة البناء الوطني وبنوده، وما يمليه من خطوات اجرائية عاجلة في سائر مجالات الاقتصاد والسياسة والإدارة. وهذه الجبهة هي أداة سياسية وطنية، تخرج سياق التغييرات المنشودة من حلقات التأويل والتضليل والتحريض الفئوي، الذي تلجأ إليه قوى العمالة والرجعية كخط دفاع احتياطي عن معاقلها ومصالحها.
إنه الاستحقاق السياسي الراهن والمهمة النضالية الفورية، التي تفترض المبادرة لتوفير شروط إنجازها سياسيا وعمليا في أسرع وقت ممكن.
ثالثا: إن تجاوز الاختناقات اللبنانية المعيشية والسياسية رهن بعمل أشمل وأشد جذرية من خطوات كسر الحصار النوعية، بتحقيق تحرّر وطني اقتصادي، ينهي أدران الهيمنة والعمالة للأجنبي والاقتصاد الماركنتيلي التابع، ويطوّر البنى الانتاجية الوطنية، وينوّع الشراكات الاقتصادية والتجارية بالتوجّه شرقا.
إن مبادرة المقاومة في كسر الحصار هي رأس جسر، يجب أن يبنى عليه عبر انفتاح لبنان الرسمي على العروص الروسية والإيرانية، وملاقاة الفرص السورية. والأمر يرتبط بهدم الجدران الوهمية والافتراضية، التي يشيّدها التحريض المنظّم والرخيص. فمن قال إن لبنان عاجز عن التحول إلى قوة صناعية وزراعية نامية متطورة، اذا طبّق خطّة شاملة لإعادة البناء على أسس جديدة، وكسر قيود الهيمنة التي حكمته بالريعية والتبعية والانخلاع والمديونية؟. والمهمة التاريخية ستكون رهنا بانبثاق كتلة شعبية عابرة للنسيج الوطني، تفرض التحولات المنشودة. ويمكن لمسار كسر الحصار أن يتوسّع ويتشعب، ويولّد استقطابا مجتمعيا لبناء قوة جديرة بإعادة البناء الوطني على أسس جديدة. وحزب المقاومة هو المؤهّل لحمل الراية، واستنهاض الشركاء في سائر مكونات الطيف الوطني والسياسي.
التعليقات