سيف القدس....

واعدوا لهم


هي ليست كلمات انشائية نمني بها النفس، او نرفع بها المعنويات بعد انكسارات وخيانات تعرضت لها فلسطين ومقدسات المسلمين هناك ، بعد خذلان وخيانات اغلب الانظمة العربية لأقدس قضية في صراعنا مع اقذر عدو .

لكن الحقائق على الارض ، والدماء التي تسيل في كل يوم على محيط القدس وتراب فلسطين ، والسلاح النوعي والمفاجيء للعدو بعديده ودقته وتطوره يجعلنا نتحدث بلغة اخرى تختلف عما كنا نتحدث بها سابقا.

سيف القدس، حتى في اختيار اسم لمعركتنا في جبهة فلسطين المحتلة هذه المرة يختلف عن سابقاتها، فقد اجتمعت القوة مع المقدس الاسلامي والانساني والمتمثل بالقدس الشريف (اولى القبلتين وثالث الحرمين) .

ما يحصل في معركة (سيف القدس) ليس دفاعا عن الضفة الغربية وغزة، بل انه دفاع عن القدس السليب .

اذا حديثا لابد ان ينقسم الى نوعية السلاح المستخدم في هذه المعركة ، وعن القدس التي حاول الكيان الغاصب ان يمحو اثرها، ويطمس هويتها الاسلامية طيلة عقود مضت من تاريخ الاحتلال والى يومنا هذا ، كما حاولت امريكا ان تضفي شرعية زائفة على احتلال القدس وتعطي شرعية على محاولة تغيير تاريخها الاسلامي والعربي من خلال نقل السفارة الامريكية من تل ابيب اليها .

السلاح النوعي

---------

قال تعالى ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)

الجمع بين الايمان بالعقيدة والتوكل على الله، وبين اعداد اللوازم المادية لذلك التوكل من اهم العناصر التي ميزت جبهة المقاومة الاسلامية في كل محاور جبهة المقاومة امام العدو.

بالامس القريب كان العدو يجتاح ما تبقى من الاراضي الفلسطينة في الضفة الغربية وقطاع غزة  بجيشه الذي كان  الكيان الغاصب ومعه اغلب انظمة التطبيع العربية تعده جيشا لا يقهر، فيقتل ويسفك الدماء وينتهك الاعراض وكانه في نزهة استعراضية ، نعم تقوم بعض الانظمة العربية بالشجب والاستنكار والادانة على احسن التقادير.

في معركة (سيف القدس) تغيرت المعادلة ، فعامل (التوازن في القوة) هو الحاكم والفيصل فيها، فشعار فصائل المقاومة في فلسطين هو شعار المقاومة في لبنان ( الطلقة بالطلقة والصاروخ بالصاروخ ، والطائرة بعياش 250) .

هذا التطور الكبير والمفاجيء في نوعية سلاح المقاومة اربك حسابات العدو ، الى درجة ان (نتن ياهو) يحسب الف حساب قبل التفكير في اجتياح قطاع غزة ، بل انه يتراجع عن قراره بعد ساعات من اتخاذه .

امتلاك فصائل المقاومة في فلسطين لصواريخ بعيدة المدى لم تكن في حسبان العدو ، فما عادت هنالك جغرافية من فلسطين المحتلة بمنأى عن صواريخ المقاومة ، لا تل ابيب ولا غيرها، كل الاراضي المحتلة تحت نيران الفصائل بلا استثناء، وهذا عنصر اخر اربك كل الحسابات العسكرية وحتى السياسية  لدى العدو.

هل هذا فقط؟...

بالتاكيد لا .

فما قيمة ان تمتلك صواريخ بعيدة المدى والعدو يمتلك منظومة دفاع مثل ( القبة الحديدية ) تحول دون وصول تلك الصواريخ لاهدافها.

عنصر المفاجاة هنا هو الاخر دخل في المعادلة العسكرية ، فالمقاومة امتلكت انواع الصواريخ القصيرة والمتوسطة والبعيدة، وكلها قادرة على اختراق منظومة القبة الحديدية ، ووصلت الى اهدافها بدقة، وادخلت الرعب في قلوب المستوطنين الصهاينة حتى خرج بعضهم ( عراة) من هول شدة انفجار تلك الصواريخ بعد ان كانوا يعتقدون ان نومهم عميق بسبب وجود القبة الحديدية .

العدو خسر مرتين،  الخسارة العسكرية عند وصول صواريخ فصائل المقاومة لمديات تتسع لكل الاراضي الفلسطينية المحتلة، والخسارة الثانية هي الخسارة المعنوية بعد ان تحولت القبة الحديدية الى اثر بعد عين .

كمية الصورايخ هي الاخرى دخلت في عوامل الردع والتوازن، ففي السابق كانت تمتلك فصائل المقاومة اعدادا محدودة من الصواريخ ذات المديات المحدودة ايضا، أما ان تنطلق الاف الصواريخ في ايام معدودات لتصل الى اهدافها وتغلق مطارات العدو ومحطات الوقود والطاقة، فهذه لم تكن في حسابات العدو، وفصائل المقاومة تقول ( ولدينا مزيد).

 هذه الكمية من الصواريخ ربما وفق حسابات العدو لا تسعها ارض غزة بكاملها، فلسان حال العدو يقول( اي مخازن هذه التي تستوعبها هذه الجغرافية المحدودة)؟ .

فلسطين ومحور المقاومة

_____________

لو كان الموضوع مرتبطا في كمية ونوعية الصواريخ وقدرتها وتقنيتها ومدياتها ربما يكون الموضوع مقبول الى حد ما، لكن هذه المرة فان العدو يواجه صواريخ غزة وعينه تترقب سيد المقاومة وحزب الله في لبنان، ولسان حاله يقول( اذا كانت جغرافية غزة المحاصرة من جميع الجهات تمتلك هذه القدرات العسكرية فكيف حالنا لو فتح حزب الله ابواب جهنم علينا)؟.

 فحزب الله الذي حقق انتصارات هي اقرب الى الاعجاز منه الى الانتصار العسكري في تموز 2006، فكيف حاله بعد مرور خمسة عشر عاما وهو مستمر بتطوير قدراته العسكرية ؟

اكثر من هذا ، ففي الوقت الذي يقاتل الشعب الفلسطيني العدو وجدنا ان قياداته تتحدث بكل شجاعة ووضوح من ان هذا السلاح وهذه التقنيات هي من الجمهورية الاسلامية في ايران ومن حزب الله وبعضها مصنع محليا داخل غزة ، هذه التصريحات جعلت العدو يعيد حساباته كثيرا.

من هنا ما نريد قوله ان محور المقاومة يتحرك بحركة تكاملية بين كل دول المحور ، ففلسطين تعني جنوب لبنان وتعني الجمهورية الاسلامية في ايران وتعني العراق وسوريا ، بل تعني اليمن المجاهد وتونس وهكذا.

وعندما يشعر الشعب الفلسطيني انه لا يقاتل العدو بمفرده ، وليس معه من دول المحور من يكتفي بالبكائيات او الشجب والاستنكار ( كما هو ديدين الانظمة المطبعة )، بل ان معه محور بكامله يمتد من طهران الى جنوب لبنان، ومن اليمن الى سوريا فالعراق ، ولا يتباكى على ضحايا ومقدسات المسلمين في فلسطين، بل انهم معه بالمال والسلاح والرجال الذين يقفون على اهبة الاستعداد ينتظرون اللحظة التي يفتحون على العدو جبهات اخرى ، لكن اسلوب الحرب النفسية والمرحلية في المواجهة وعنصر المفاجاة هو الذي يؤخر دخولهم ، عندها يشعر هذا الشعب المجاهد بفخر الانتماء الى امة المقاومة، ويشعر انه ينتمي الى شعب وامة لها ايمان مطلق بقضيتها، وان فلسطين ليست قضية قومية او وطنية، بل انها قضية عقائدية تهم كل المسلمين، ولا فضل لدولة من دول محور المقاومة على الشعب الفلسطيني، على اعتبار ان الدفاع عن المقدسات واجب على الجميع دون تفاوت .

موقف شعوب المنطقة

____________

ونحن نتابع الاحداث ونرى حجم التضامن ووحدة شعوب المنطقة والعالم الاسلامي يتجلى امامنا تاكيد الامام الخميني ( قدس) على اهمية الوحدة الاسلامية، فضلا عن شعوب المنطقة في تحقيق النصر المؤكد على العدو الصهيوني ، فمنذ عقود من الزمان قال الامام الخميني ( قدس) – لو ان كل مسلم القى بدلو من الماء على اسرائيل لجرفها السيل- في اشارة الى كثافة المسلمين السكانية والتي تتجاور اليوم مليار وخمسمائة مليون مسلم في قبالة بضعة ملايين من الصهاينة.

ما يميز هذه المعركة انها رصت صفوف شعوب محور المقاومة واستعدادها للقتال الى جانب الشعب الفلسطيني بكل قوة .

 

انطلاقا من الداخل الفلسطيني حيث وجدنا جذوة المقاومة هذه المرة انطلقت من الشعب الفلسطيني في القدس المحتلة واستجاب الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية لذلك الحراك، حتى امست قرية الشيخ جراح ( ايقونة ) النصر في معركة سيف القدس.

اما باقي شعوب المنطقة ، فلابد من الاشارة الى الشعب اليماني الذي يعد بحق معجزة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى .

هذا الشعب يتعرض الى حرب ابادة من قبل النظام السعودي والمتحالفين معه من الانظمة المطبعة ، بسبب هذه الحرب يتعرض الشعب اليمني الى جوع وفقر ومرض ربما اسوء مما يتعرض له الشعب الفلسطيني، ولو كان هذا الشعب كسائر الشعوب المنشغلة بوضعها الداخلي او ترى ان العدو الذي يقتله ويقبر اطفاله ليست اسرائيل وانما انظمة عربية ، ومعركته مع هذه الانظمة ولا دخل لاسرائيل بما يتعرض له اليمن لكان موقفه يختلف عما هو عليه  .

لكننا نرى بصيرة وحكمة وايمان هذا الشعب تعالت على مشاكله وعداوة الانظمة الخليجية له، ولأنه ينظر الى القدس وفلسطين قضية عقائدية وليست قضية سياسية او قضية اجتماعية مرتبطة بالشعب الفلسطيني، ولأنه يتعاطى مع فلسطين على انها ثابت اسلامي لا يسقط عن اي مسلم الوقوف للدفاع عنها ، وجدنا هذا الشعب يهتف في كل مناسبة ب( الموت لاسرائيل) .

النظام السعودي والاماراتي وبعض الدول العربية المتحالفة معهما يقصفون محافظات اليمن ويقتلون اطفالهم ونساءهم ويهدمون المساجد والبيوت على رؤوس اصحابها، لكن بصيرة هذا الشعب جعلته يرى ابعد مما تراه العين ، فيهتف ( الموت لامريكا – الموت لاسرائيل) .

اما الشعب العراقي فقد خرج في اكثر من محافظة يعلن تعاطفه ووقوفه مع الشعب الفلسطيني وفي الدفاع عن مقدسات المسلمين ، وعبّر ابناء قادة النصر -الشهيدين سليماني والمهندس- في فصائل المقاومة والحشد الشعبي عن استعدادهم لرفد جبهة المقاومة في فلسطين بالمجاهدين وبالسلاح ان اقتضت الضرورة ، بل ان تاخر هؤلاء المجاهدين في فتح جبهة امام العدو انما بسبب طبيعة المعركة وابقاء عنصر المناورة والمفاجاة بما تقتضيه ظروف المعركة هناك ، بل ان طلائع المجاهدين العراقيين اليوم على الحدود بين فلسطين المحتلة وسوريا، فهم على بعد مرمى حجر من الكيان الصهيوني .

اما الشعب السوري واللبناني، فالامر لا يحتاج الى مزيد من الشرح والتوصيح، فهم مع الشعب الفلسطيني منذ سنوات طوال في ساحة واحدة وخندق واحد ، وما تدفعه سوريا اليوم هو بسبب مواقفها المبدئية من فلسطين والقدس، ونتصور ان القدس وفلسطين تستحق منا جميعا ان ندفع المزيد لاجلها.

اما الجمهورية الاسلامية في ايران والتي تعد بحق ( ام القرى لمحور المقاومة )، فان شعبها ولله الحمد يمثل العمق الاكبر في محور المقاومة، فكان ولا يزال بحجم المسؤولية والتضحية التي قدمها ويقدمها من اجل فلسطين وثوابت المسلمين ومقدساتهم .

اكثر من اربعة عقود من التجربة الاسلامية الفريدة في العالم الاسلامي والشعب الايراني يدفع ضريبة الدفاع عن فلسطين ومقدسات المسلمين، ورغم الحصار الاقتصادي والسياسي والعلمي الا اننا وجدنا هذا الشعب الابي يرفض التنازل عن ثوابته، والجمهورية الاسلامية حولت كل التحديات الى منجزات وانتصارات سياسية واقتصادية وعلمية، وما حصل من انتصارات في جبهات محور المقاومة في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن كلها ببركة الدعم الكبير للجمهورية الاسلامية والشعب الايراني الصابر المجاهد .

الامام الخامنئي ومعركة سيف القدس

___________

 

ليس عاطفة نقول هذا الكلام وانما نابع من يقين واعتقاد راسخ ان الامام القائد يرى بنور الله تعالى، ويستشرف المستقبل بثقة مطلقة ، هذا الايمان والثقة المطلقة بالله تعالى تنعكس في مواقفه وهو يتحدث عن المستقبل ب( ضرس) قاطع ، وكأنه يراه راي العين( انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا).

حديث الامام القائد الخامنئي في (يوم القدس العالمي) عن القدس وفلسطين ومستقبلها ليس حديث اماني  ومنامات،  بل انه حديث مرجعٍ وقائد للامة منذ عقود بعد رحيل مؤسس الجمهوريةِ الاسلامية ومحور المقاومة ، مغير وجه التاريخ ومعيد الاسلام الى واجهة الوجود والعزة والكرامة، انه الامام الخميني ( قدس).).

كل المعطيات المادية والقدرات العسكرية والاجتماعية وظروف تحققها حاضرة في وجدان وضمير امام الامة

لهذا هو يتحدث بلغة هي اقرب الى ( الإخبار) عما يحدث،  وليس بلغة الاحتمالات او الاستنتاجات .

نعم البعد الغيبي، والوعد الالهي حاضر في كلام الامام الخامنئي وهو يراه راي العين.

هذه الأبعاد الغيبية والمادية ، والتاريخ القريب وتطورات الاحداث والحقائق على الارض كلها مستحضرة في كلام القائد وهو يتحدث عن القدس ويومها ، بلغة ( التبليغ) لا بلغة الأماني والتشجيع).)

 

(البعد التاريخي)

يتحدث القائد الخامنئي عن التاريخ الذي قام به اعداء الانسانية والإسلام بالتلاعب بجغرافية ومقدسات المجتمعات الاسلامية من خلال قيام ( النظام الراسمالي الظالم السفاك بان يحرم شعبا من مغناه من موطن ابائه وأجداده ، ليقيم مكانه كيانا ارهابيا واناسا غرباء من شذاذ الافاق) (

موطن الاباء والاجداد  هذه يقتطعها (النظام الراسمالي الظالم ويضعها تحت وطأة اكثرُ ابناء البشر خبثا ، انهم عنصريون مارسوا القتل والنهب والسجن والتعذيب ضد اصحابِ الارض منذ اكثر من سبعين عاما)

 

(البعد الغيبي في قضية فلسطين)

 

كما ذكرنا في المقدمة فان حتمية انتصار الحق الاسلامي على باطل الاستكبارِ العالمي الذي يتحدث به الامام الخامنئي ( بضرس قاطع) نابع من المدد الغيبي والوعد الالهي الذي ذكره في القران الكريم ، وعلامات تحقق هذا الوعد بدات تلوح بالافق، ويستشرفها الأمام  بعين البصيرة، بصيرة القائد الرباني الذي قرا القرانِ بتدبر وأسبر أغوار اياته واحكامه ، هذه القراءة العميقة امتزجت بمعرفته بالتاريخ ومعاصرته ومعايشته لأحداثه،  ومشاركته في صنع هذا التاريخ الاسلامي المتجدد بوصفه قائدا لمحور المقاومة .

الامام القائد عندما يتوعد الكيان الغاصب بانه الى زوال وانه لن يبقى بعد عقدين ونصف ، انما يتوعد من خلال استحضار ما تحقق من امارات الوعد الألهي.

 

فان محور المقاومة الذي تشكل بعد انتصار الثورة الاسلامية انما تحقق بإعجاز الهي كبير، من بزوغ فجر الثورة الاسلامية الى تحقق الانتصارات على كل الجبهات ، ان رجال محور المقاومة هم عباد الله الذين اختصهم بقرانه الكريم وبقوله العزيز( فاذا جاء وعد الآخرة ليسؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا).

 

 

(البعد المادي في تفاؤل القائد)

 

لم يكتف الامام القائد الخامنئي بالبعد الغيبي والوعد الألهي في تفاؤله من تحقق النصر على العدو الصهيوني ،فهو دائما وفِي كل مناسبة يحذر من ( الانتظار السلبي ) المبني على اساس السكون والانزواء تحت ذريعة انتظار الفرج.

ان القائد يؤكد على ضرورة النزول الى الميدان والاستعداد للمنازلة من خلال تهيئة كل متطلبات المعركة وفِي مقدمتها الاقتدار العسكري والتكنولوجي ومن ثم التوكل على الله، وكما يقول الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم ( اعقلها وتوكل).

 

لذا فان اعتقاد القائد من حقيقة النصر بعد التوكل على الله هو التطور الكبير الذي طرأ على محور المقاومة وامتلاكه للقدرات العسكرية التي تكافئ سلاح العدو وتتفوق عليه احيانا، وهذا ما أثبتته تجارب السنين القريبة، يقول الامام الخامنئي( موازين القوى تغيرت بقوة لصالح الفلسطينين ، فالعدو الصهيوني وجيشه الذي كان يقول عنه انه الجيش الذي لا يقهر هو اليوم بعد تجربة ٣٣ يوما في لبنان وتجربة ٢٢ يوما وتجربة الثمانية ايام في غزة قد تبدل الى جيش لن يذوق طعم الراحة).

ويشير الامام الخامنئي بهذا الصدد الى( ان تصاعد قدرات جبهة المقاومة ، وتزايد امكاناتها الدفاعية والعسكرية ، وانتشار الوعي الذاتي لدى الشباب واتساع دائرة المقاومة في جميع ارجاء الارض الفلسطينية وخارجها والهبّة الاخيرة للشباب الفلسطيني دفاعا عن المسجد الأقصى كلها تبشر بعد مشرق).

ان الامام القائد يقارن قوة جبهة المقاومة بين الامس واليوم لنرى كيف ان محور المقاومة وجبهة الحق تحقق تطورا هائلا في معركة التوازن والاقتدار العسكري حيث يقول( ان الشباب الفلسطيني كان يدافع عن نفسه بالحجارة ،واليوم فانه يرد على العدو بإطلاق الصواريخ الدقيقة).

 

هذه المعطيات المعنوية والغيبية والمادية تجعل الامام يتحدث بتفاؤل ويقول( إنني اقولها بضرس قاطع ان الخط البياني الانحداري باتجاه زوال العدو الصهيوني قد بدا وسوف لن يتوقف).

 

(مسؤولية الامة تضامنية )

بعد ان بين الامام القائد  ان فلسطين والقدس قضية إنسانية واسلامية تلامس صميم  مقدسات المسلمين،   حيث ان القران الكريم أضفى قداسة على هذه الارض المباركة ( وقد ورد ذكرهما في القران الكريم باسم الارض المقدسة )، لهذا حمل القائد وعلى نحو الوجوب الشرعي مراجع الامة وعلمائها ، بل وعلماء المسيحيين ايضا (  مسؤولية  تحريم التطبيع شرعا).

كما حمل النخب الثقافية  والاحرار مسؤولية النهوض بشرح نتائج الخيانة في التطبيع والتي تشكل طعنة في ظهر فلسطين الى الجميع.

السيد القائد في توجيه الوجوب الى الامة بمراجعها وعلمائها ونخبها ومثقفيها، لانه يرى ان فلسطين قضية اسلامية عقائدية  وانسانية،  وفيها من المظلومية ما توجب على علماء الامة ونخبها ان يتحملوا مسؤوليتهم الشرعية والقانونية والأخلاقية ازاءها). )

 

 

(اثار الكيان الصهيوني على امن واستقرار فلسطين وشعوب المنطقة)

 

يربط الامام الخامنئي كل ماسي الشعب الفلسطيني وشعوب   العالم  الاسلامي بوجود  هذا الكيان الإرهابي حيث يؤكد القائد على ان ( اسرائيل ليست دولة ، بل معسكرا ارهابيا ضد الشعب الفلسطيني  والشعوب المسلمة الاخرى ، وان مكافحة هذا الكيان السفاك هي كفاح ضد الظلمِ ونضال ضد الارهاب ، وهذه مسؤولية عامة)

هذه  المسؤولية العامة التي اكد عليها القائد تحتم علينا (جميعا ان نحدد موقعنا في هذا التحرك الشامل ، فهذا يسجل للوعد الالهي - ام يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون-

وتتجلى المسؤولية والتحرك الشامل من خلال  عدة عناصر يشير إليها القائد وهي

 1-ضرورة تواصل المقاومة الفلسطينية داخل فلسطين ، بوصفها تمثل حائط الصد الأمامي بوجه العدو، وان ديمومة هذه المقاومة تعطي روحا وحياة متجددة لقضية فلسطين، وتعطي زخما للأمة باستمرار دعمها وتبنيها والدفاع عنها.

. الدعم العالمي للمجاهدين الفلسطينين 2-

وهذا الدعم يتضمن دعما ماديا ومعنويا ، فعندما يشعر الشعب والمقاومة الفلسطينية ان قضيته هي قضية امة وعقيدة ودين، وانه يتصدى للدفاع عن هذه القضية بالنيابةِ عن الامة، عندها يزداد في جهاده واندفاعه لمقاومة الاحتلال البغيض.

 3-أشار الامام القائد الى مسالة في غاية الأهمية وهي وحدة الشعب الفلسطيني وكذلك وحدة الامة الاسلامية ومحور المقاومة في وجه الغطرسة والاحتلال والاستكبار، فالوحدة كما يصفها الامام القائد ( هي اعظم سلاح الفلسطيني).

ولأهمية الوحدة الاسلامية بصورة عامة والفلسطينية بصورة خاصة في قضية فلسطين والقدس وجدنا ان الامام العظيم روح الله الخميني ( قدس) يؤكد عليها مرارا وتكرارا ، حتى عاد لسانه لهجا في ذكرها والتأكيد عليها، وقد خصص أسبوعا كاملا للوحدة الاسلامية تجتمع فيه مراجع وعلماء ونخب الامة ومثقفيها لتدارس همومها والتحديات التي تواجهها، والتعالي على الخلافات والاختلافات الفقهية والفكرية، لان العدو يراهن على تفرقة الامة وتمزقها.

هذا الاستشراف المستقبلي للامام الخامنئي وهو يتحدث في اخر جمعة من شهر رمضان المبارك وجدناه قد تحول الى واقع ميداني وترجمته فصائل المقاومة في فلسطين الى انتصار ارعب العدو وارهبه ، وكما قال السيد الامام ( ان الجيش الصهيوني الذي يقل عنه لا يقهر فان هذا الجيش لم يذق طعم الراحة منذ اسابيع بسبب الضربات الصاروخية لفصائل المقاومة .

كما ان توحد محور المقاومة دولا وفصائل واسلحة والتفاف شعوب هذا المحور حول قضية فلسطين تحول الى انتصار لم يكن يتوقعه العدو، بل وحتى اغلب الاصدقاء.

الانظمة المطبعة وحراجة موقفها

________

لم تمر الانظمة المطبعة مع الكيان الصهيوني في مواقف محرجة كما مرت به في معركة (سيف القدس ).

فهذه الانظمة كانت تحدث شعوبها المغلوبة على امرها على ان المواجهة العسكرية مع الصهاينة هي معركة خاسرة ، وان العقود السبعة الماضية من قضية فلسطين كفيلة بصحة ذلك الادعاء ، وان البديل لدى هذه الانظمة هو الاعتراف بالكيان الصهيوني ومحاولة انتزاع ما يمكن انتزاعه من اراضٍ محتلة، او على الاقل المحافظة على ما تبقى من الاراضي في الضفة الغربية وقطاع غزة .

انتصارات معركة ( سيف القدس) كذّبت كل ادعاءاتهم تلك  الانظمة، فبعد ان تبين للجميع حجم ونوعية الاسلحة المتطورة التي امتلكتها فصائل المقاومة الفلسطينية خلال السنوات العشر الماضية ، ومديات تلك الصواريخ التي غطت مساحة كل الاراضي الفلسطينية المحتلة من جانب، ومن جانب اخر تاكيد قيادات فصائل المقاومة على ان هذا السلاح المتطور والذي اسقط هيبة سلاح الكيان الصهيوني والذي تعول عليه انطمة الخليج في حمايتها من عدوها المزعوم ( ايران ) هذا السلاح مصدره الجمهورية الاسلامية في ايران وحزب الله لبنان ، وقد تم تصنيع الباقي داخل الاراضي الفلسطينية.

بقيت هذه الانظمة في حيرة من امرها، فهي لا تستطيع القول ان رهاننا كان فاشلا، وان تامرنا على قضية فلسطين كان خاطئا ، وفي الوقت نفسه لا تستطيع ان تعترف بانتصار محور المقاومة في هذه المنازلة الكبرى.

لهذا بقيت مواقفها خجولة ، او ( منافقة ) ، وحتى اعلامها كان ينقل الاحداث بارتباك احيانا ، وبانحياز لصالح الكيان الصهيوني احيانا اخرى ، فمن يتابع الاعلام السعودي يجده ينقل الضربات الصاروخية التي يوجهها العدو على غزة ، ويتحدث عنها بلغة الانتصار الصهيوني، دون نقل ما تقوم به فصائل المقاومة الفلسطينية ، بل لا تستطيع وسائل الاعلام هذه ان تذكر اسماء الصورايخ الفلسطينية مثل ( بدر ) و ( شهاب ) و ( القاسم ) فضلا عن صاروخ ( عياش250) بعيد المدى خشية ان يعلم المجتمع الخليجي مصدر هذه الصواريخ وصناعتها، فيكتفي هذ الاعلام بذكر  الحدث دون التفاصيل على احسن التقادير.

من هنا تجدر الاشارة الى ان انتصار معركة ( سيف القدس) هو ليس انتصارا على الكيان الغاصب فحسب، بل انتصار على كل محور الاستكبار وفي مقدمته امريكا وانظمة الخليج وسائر الانظمة العربية المطبعة .

اكثر من هذا فان الانتصار قد تحقق على مشروع ( صفقة القرن ) بعد انهيار موازين القوة التي يراهن عليها العدو الصهيوني ، ووعي الشعوب العربية والاسلامية الذي ازداد كثيرا في هذه المعركة .