من أين لهذا الأرهاب أن يكون ؟ .


هذه الظاهرة المعولمة لا تنتمي لمذهب أو دين أو أثنية أو عقيدة فكرية بذاتها ، وما تاريخ الإرهاب الا دليل على ذلك . ولا أعتقد أن جوهر الاسلام برسالتيه المسيحية والمحمدية ينتج مثل هذا العنف الأعمى عن كل حسّ إنساني . قد ينتج بعض الفهم القاصر للدين حالات من التعصب والكراهية لتعزيز التفاضل والفصل بين الهويات المختلفة للجماعات ....لكن الإرهاب يتجاوز التعصب الى عنف يطلب الغاء الآخر وجودياً وقتله جسدياً  . 
الإرهاب كما أراه من زاوية سوسيولوجية هو صناعة أيديولوجية تشرف عليه أجهزة منظمة لخدمة أغراض سياسية محددة هدفها السيطرة والإخضاع . 
لست هنا في معرض إجراء تحليل شامل عن ظاهرة الارهاب ولذا أكتفي بالملاحظتين التاليتين : 
1- ادارة الارهاب ليست عملية تتكفل بها جماعات محدودة الامكانية ، بل هي إدارة مؤسسية تتبناها أجهزة تخطط وتمول وتدرب وتدعم وتشرف على التنفيذ والمتابعة والتقويم ( الحروب الصليبية قادها ملوك اوروبا وبرعاية ودعم الكنيسة ، النازية والفاشية أطلقتها أحزاب عنصرية ، الصهيونية رعتها وغذتها الدول الاستعمارية وعلى راسها أمريكا ... الخ ). 
2- عملية تنظيم الأرهاب وتحضيره يبنى على أستقطاب الأفراد المهمشين والمنبوذين في المجتمعات المسحوقة والمقهورة اقتصاديا وأجتماعياً وسياسياً ، ومن مصادره أيضاً يناء الوعي الزائف أتجاه الآخر وشيطنته عبر الخطاب الديني أو العنصري وأدلجته معرفياً وعملياً بواسطة الأعلام وأساليب الدعاية المغرضة . 
وفي استنتاج أولي أشير الى ما يلي : 
- إن السياسات الاستعمارية وصلت الى مرحلة الافلاس الاخلاقي واصبح مجلس الامن الدولي وصندوق النقد الدولي ومعظم المؤسسات الدولية أدوات لنهب شعوب العالم وخيراتها ما استولد العداء والكراهية لهذه السياسات ومعاييرها المزدوجة في إدارة الشؤون الدولية والرغبة بالثورة عليها . 
- إن صناعة الحروب أصبحت جزءاً من الاقتصاد العالمي للدول الأمبريالية وبالتالي فإن الشركات المنتجة للأسلحة هي المستفيدة من أشعال الحروب وتغذيتها وخلق أدواتها ومسارحها وما يتبع ذلك من استباحة لموارد الشعوب وامكانية نهبها بحجة حمايتها . 
- إن اجهزة الاستخبارات العالمية هي التي تشرف على حماية الأمن القومي للدول الامبريالية المسيطرة على الشأن العالمي في كل المجالات وبمختلف الاساليب وذلك لحماية تلك الدول ورفاه شعوبها مهما كان الثمن . 
وكجواب على السؤال : من أين لهذا الأرهاب أن يكون ؟ .
إنها السياسات الإستعمارية الظالمة التي تريد تحقيق مصالح شعوبها أولاً وأخيراً . 
إنها الشركات المنتجة للصناعات الحربية التي توجه وتتحكم بالسياسات الاستعمارية للدول . 
إنها أجهزة الاستخبارات العالمية التي تنفذ تلك السياسات وتستخدم كل الاساليب لتحقيق أهدافها . 
للإشارة فقط : أنظروا مجرى ذلك التحليل في السلوك الأستعماري كما في النموذج العراقي ومعتقل ابو غريب وغونتانامو ...اليس من هذا الرحم يخرج الارهاب ؟ .