أحداث سياسيّة وتشابه مواقف قد يعّجل في اعادة العلاقات بين السعودية وإيران


هذا ما يفرضّه المنطق وعلم السياسة، وهذا ما نتمناه لأنَّ في تحقيقه مصلحة شعوب المنطقة.

التشابه أو التقارب في المواقف، المُتخذة من قبل المملكة العربية السعودية ومن قبل الجمهورية الاسلامية الإيرانية، ازاء أحداث وقرارات دولية يعني التلاقي بين مصالح البلديّن هو سبب مواقفهما.

لنرى ماهي تلك المواقف ؟

أولُها موقف المملكة الشجاع في اتخاذها وروسيا لقرار تخفيض انتاج النفط في منظمة أوبك، ودفاعها عن القرار وتبريرها له، رغم معرفة المملكة مُسبقاً بأنَّ القرار سيستفز الادارة الامريكية والغرب، ولم تكترث المملكة بردود الفعل الاعلامية  والسياسية والحكومية الامريكية، ولمْ نسمع تصريحا او تعليقا من الامير محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة، على تلك التصريحات، رغمَ أن بينها تصريحا للرئيس بايدن.تكّلف وزير خارجية المملكة بالرّدْ دبلوماسياً، مُبيناً بأنَّ القرار هو في مصلحة دول أعضاء المنظمة وليس دعما لروسيا في حربها مع اوكرانيا.

 

وصف الأميركيون القرار بأنه تحد لهم  وخروج من اطار التعاون والتحالف بين المملكة وامريكا ،بل وصفوه بقرار عدائي!

وفي نظر الادارة الامريكية والغرب اصبحت المملكة العربية السعودية الدولة الخامسة (بعد كوريا الشمالية و ايران  وروسيا والصين) في عداد دول التحدّي، بيدَ أنّ ذلك ليس في نوايا المملكة،  وللبرهان على نوايا المملكة، قررت وبعد ثلاثة أو أربعة أيام من حملة التصريحات والتصنيفات الامريكية، التبرع بمبلغ ٤٠٠ مليون دولار كمساعدة انسانيّة الى اوكرانيا (صحيفة رأي اليوم الاكترونية، الصادرة بتاريخ ٢٠٢٢/١٠/١٦ ). ارادت المملكة في هذا القرار تكذيب الادعاءات الامريكية وافشال اهداف الحملة الاعلامية ضّدها.

الموقف الآخر هو قرب افراج المملكة ، عن ممثل حركة حماس والموقوف في المملكة  ، وهذا الافراج يتزامن مع زيارة قادة حماس لدمشق، اليوم ( ٢٠٢٢/١٠/١٩ )  واستقبالهم من قبل الرئيس الاسد. ومن غير المُستبعد ان يكون للحوثيين، وهم في تفاوض مستمر مع المملكة، شأن  ودور في هذا الافراج .

هذه المُعطيات تدّلُ على مرونة كبيرة في سياسة المملكة ازاء استحقاقات الاحداث الدولية، واستحقاقات أمن واستقرار المنطقة، وتدّلُ ايضاً على أن مصلحة المملكة فوق ايّ اعتبار آخر ، حتى وإنْ كان هذا الاعتبار شأناً امريكياً .

موقف آخر يؤشّرُ على حالة المرونة  والتقارب بين سياسة ايران و المملكة هو احترام هدنة الحرب في اليمن، رغم انقضاء مُدتها، واستمرار التفاوض من اجل تمديدها او تجديدها. ولم يتردد السيد محمد الحوثي، أحد أبرز القادة الحوثيين بتبني تصريح ايجابي  وتضامني مع المملكة،  حين هدّدت امريكا المملكة، على اثر قرار تخفيض انتاج النفط، وقال: “انا ادعو الامير محمد بن سلمان الى الرّد على التهديد الامريكي بتخفيض آخر لانتاج النفط . (التصريح بتاريخ ٢٠٢٢/١٠/١٤  وتناقلته وسائل الاعلام ونُشِر التصريح في رأي اليوم الالكترونية بتاريخ ٢٠٢٢/١٠/١٥ ).

كذلك التعاون السعودي الروسي  والسعودي الصيني، يجعل أيران والمملكة في اطار واجواء مناسبة ومشجّعة للتقارب بينهما، وكما نعلم بأنَّ هذه الدول العظمى (روسيا والصين)، تربطهما بأيران علاقات وتحالفات استراتيجية .

الاتفاق او التفاهم على تقسيم ثروات الغاز او ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، خفضَّ كثيراً من حالة التوتّر في المشهد السياسي اللبناني والاقليمي، وسمحَ بحالة انفراج بين الشخوص والاحزاب المتخاصمة في لبنان، وتبلّور ذلك من خلال تفّهم كبير من جانب الفواعل العربية والاقليمية المؤثّرة في المشهد السياسي اللبناني واقصد (المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية).

لمْ تصدر لا من جانب المملكة  ولا من جانب ايران تصريحات مختلفة او متناقضة تجاه جهود و مفاوضات الاتفاق، لا بلْ قام السيد البخاري، سفير المملكة في لبنان بزيارة ودّية الى  اللواء عباس ابراهيم مدير الامن العام في لبنان، وتداولت انباء عن تبادل اشارات ايجابية بين المملكة و حزب الله، ونلمسُ ذلك في نبرة الخطاب الذي القاه السيد حسن نصرالله بتاريخ ٢٠٢٢/١٠/١٢، بمناسبة ذكرى ولادة الرسول ( ص )، حيث تمنى في ختام كلمته الخير و الازدهار والاستقرار لكافة الشعوب والدول العربية و الاسلامية.