إسرائيل تخسر أقوى سلاح إستراتيجي (التفويض الشعبي)
لماذا إسرائيل أحجمت عن الرد العسكري على حزب الله ما بعد حرب تموز 2006 حتى اليوم؟ هل تنقصها الأسلحة الفتّاكة، أم هل ينقصها عدد الجنود؟ ألا تملك الميزانية الكافية لتمويل الحرب… أسئلة كثيرة تموج بالفكر، لكن ماذا عن عامل التفويض الشعبي أو الجماهيري، وماذا يترتب على فقدانه إن كان قد أفل؟
ما بعد حرب تموز 2006 طرأ متغيِّر على ميدان الاشتباك، المتغيِّر يفرضه المنتصر بالحرب (حزب الله)، من دلالاته؛ الحقيقة التي رددناها ويرددها الإعلام الصديق والحليف والمعادي وهي: (شعب إسرائيل يثق بما يقوله السيد حسن نصر الله ولا يثق… أو أكثر مما يثق بما تقوله حكومة الاحتلال الصهيوني نفسها التي تحكم المستوطنين)
تولَّد هذا المتغيِّر لدى المستوطنين بعد الخسارة المدمرة التي مُنِيَت بها إسرائيل في حرب تموز 2006، إذ فقدوا الثقة بقيادتهم العسكرية والسياسية، وظل هذا الشعور يتجذر بداخل المستوطنين الصهاينة آخذًا بالتمدد ليبني مملكة الرعب من حزب الله داخل كل صهيوني، والمواجهات في سورية، وعمليات (القصير) ورد الضربة بمثلها وبضعفها؛ كانت عواملَ لتنامي هذا الشعور المرعب بفقدان ثقة المستوطنين الصهاينة بقيادتهم، ويرون أنهم عُراة أمام كلمات سماحة الأمين العام لحزب الله (دام عِزُّهُ ونصرُه).
وصولًا إلى معركة (سيف القدس) التي خلقت جبلًا من الرعب في (قلوب الذين كفروا) ساندًا لما خلقه حزب الله، لا نريد خوض تفاصيل المعركة؛ إذ ما زالت أصداء انفجارات صواريخ المقاومة في المستوطنات تتردد، وما زالت صرخات الصهاينة هاربين إلى الملاجئ تتناهى إلى سمعنا.
بين الحرب ومصطلح (الأيام القتالية)!
الإسرائيلي صار لا يجرؤ على القول (نمتنع عن الحرب)؛ لأنّ بذلك إعلان رسمي للهزيمة النهائية، كذلك لا يجرؤ على القول (سندخل الحرب)؛ لأنّه سيتهاوى أمام جمهوره، ويكون أكبر محطة سخرية في العالم؛ ولأجل ذلك ابتكر مصطلحًا جديدًا أطلق عليه: (الأيام القتالية)! وهو يرمز إلى عمليات: حرب الناقلات ضد الجمهورية الإسلامية، قصف بعض المواقع في غزة، قصف بعض المواقع في سورية… عملياته التي بهذا الحجم يطلق عليها (الأيام القتالية) وهي عمليات تمثل نهاية السقف الممكن، السقف الذي لا يدخله في حرب مفتوحة بحجم حرب تموز 2006.
تصعيد في البحار ثم إخلادٌ إلى عقر الدار (المحتلة)
لم نقف حتى هذه اللحظة على تصريح رسمي معتدّ به يكشف حقيقة استهداف الناقلة الإسرائيلية (ميرسر ستريت - Mercer Street)، ومن الفاعل، إن كانت المقاومة الإسلامية، أو كان فخًّا إسرائيليًا ذات أهداف متعددة لا نعتقد أنه يصيب أيًّا منها.
قُتِلَ شخصان على متن ميرسر هذه، الشخصان أوروبيان (بريطاني وروماني)! الحادثة بتاريخ: 29/تموز/2021، وكان تنصيب السيد إبراهيم رئيسي بصفته رئيسًا للجمهورية الإسلامية بتاريخ: 3-5/آب/2021، وحضر المراسم هذه (82) دولة، مع (12) منظمة إقليمية ودولية، مع (170) صحفيًّا، وكان تمثيل الاتحاد الأوروبي حاضرًا؛ إذ حضر (إنكريكي مورا - Enrique Mora) معاون الأمين العام لإدارة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وكذلك تمثيل الأمم المتحدة.
إنَّ الحركة ذات القيمة العالية، التي عرضتها إيران في أثناء المراسم أنها خصصت مكان الجلوس في المقدمة لكل من: سماحة الشيخ نعيم قاسم (نائب الأمين العام لحزب الله)، إسماعيل هنية (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس)، المجاهد زياد نخالة (الأمين العام لحركة جهاد الإسلامي)؛ إذ كانت قادة الأمم تجلس خلف (قادة وممثلي محور المقاومة) هذا المحور الذي دكَّ إسرائيل بالصواريخ في البرّ والبحر دكًّا؛ قَبِلَ الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الجلوس خلف قادة وممثلي قيادات محور المقاومة!.
هذه المناسبة مثلت بحقيقتها هزيمة مدوية لإسرائيل، إذ يحضر العالم بثقله الدبلوماسي والإعلامي، والقانوني إلى قلب طهران مؤيِّدًا عمليتها السياسية وشرعيتها وسياستها.
هذا مَثَّل رافعةً لمحور المقاومة ظهرت في تراكم انخفاض (التفويض الشعبي) لحكومة وجيش الاحتلال الصهيوني، ولأجل ذلك، فإنَّ إسرائيل التي عربدت بتصريحاتها النارية ضد الجمهورية الإسلامية وأنها ستوجه ضربة بمساعدة الحلفاء: أميركا، بريطانيا، فرنسا، نجدها أُلقِمَت حجرًا يوم (5/آب)! ومِنْ ثَمَّ ابتلعت ضربةً قيمتها عشرات الصواريخ من نوع (غراد) أُطلِقَت من جنوب لبنان على يد المقاومة الإسلامية (حزب الله) بتاريخ: 6/آب/2021 لتدكَّ إسرائيل في عقر احتلالها! والأدهى أنَّ حزب الله تبنَّى وأعلن العملية، وهذا التبنِّي كان أشد وقعًا على الصهاينة من وقع الصواريخ.
دخلنا في عصر جديد للمقاومة بعد هذه الرشقة المباركة من حزب الله، عصر عزْل إسرائيل من جهة، ومن الجهة الأخرى شرعية المقاومة والاعتراف بها عالميًا.
إسرائيل لم تعرف تربي شعبًا، لأنها لا تملك الأرض لذلك، والمستوطنون يئسوا من حكومتهم منذ عام 2006، وصار شغلهم الشاغل الحديث عن كفاءة هذا النوع من الملاجئ أو ذاك!، وأيها أفضل: الملاجئ الجاهزة المتنقلة أم الثابتة، وما هي الشركة الفضلى في هذا التخصص، وربما أفضل تخصصات دراسية في الهندسة عندهم هي (الملاجئ)، وربما صار علمًا بحد ذاته (علم الملاجئ) وشعاره (كيف تهرب من حزب الله)، أما التفويض الشعبي (السلاح الإستراتيجي) فقد خسرته إسرائيل دون رجعة ولا يهم عدد جيشها وترسانتها العسكرية وميزانيتها.
لكن دول محور المقاومة تتمتع بحيازة أعلى رصيد من التفويض الشعبي والجماهيري.
والحمد لله ربِّ العالمين
التعليقات