ماذا يأمل الشّعب العربيّ السّوريّ من السّيّد الرّئيس بعد أداء القسم ؟!.

الجزء الثّالث


كنت في الجزء الثّاني قد أشرت لبعض ما يأمله الشّعب العربيّ السّوريّ من سيادة الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد بعد أدائه القسم القادم ، وسنتابع في الجزء الثّالث ما يمكن أن يمثّل رغبات شعبيّة يُؤمَل تحقيقها على يد السّيّد الرّئيس حفظه الله ورعاه .
ولعلّ ما يرغب به الشّعب إضافة لما سبق إعادة النّظر في موضوع البطاقة الذّكيّة وتوزيع المواد التي لا تكفي حاجة المواطنين فتارة يتمّ إلغاء بعضها وتارةً أخرى يصعب على المواطنين الحصول عليها ، وخصوصاً في مجال رغيف الخبز بحيث تمّ تخصيص عشر ربطات للشّخص الواحد شهرياً ، فهل يكفي رغيفان ونصف يومياً لكلّ شخصٍ بما يسدّ رمق حياته أو الهدف تجويعه ؟! واللّافت في موضوع البطاقة الذّكيّة أنّها أتاحت استحواذ مختلف البيانات الخاصة بالسّوريين ، وضمناً مكان الإقامة والبصمة والرّقم الوطنيّ وما إلى ذلك من بيانات تمّ كشفها لتلك الشّركة ، والنّاس يقدّمونها ، وهم ملزمون من الحكومة بفعل ذلك ، وقد فُرِضَت عليهم من أجل قضاء احتياجاتهم وتأمين مستلزماتهم ومتطلّبات حياتهم دون معرفتهم بخلفيّات تلك الشّركة وجهلهم بأسماء مالكيها وارتباطاتها داخليّاً أو خارجيّاً كون تلك البطاقة كشفت أسماء المواطنين جميعهم دون استثناء ، وأدق تفاصيل وضعهم للشّركة ، وهذا له خطورته الأمنيّة لحصولها على بيانات وبصمة كلّ السّوريين بحجّة التّعامل مع شركة يجهل معظم السّوريين أصحابها تَبَعاً لحالة إخفاء أسماء أصحابها والتّعامل بالتّالي أصبح مع جهة مجهولة ، ويمكن تقديم تلك البيانات لجهات خارجيّة ( ربّما أجنبية ) بكلّ بساطة ودون العودة لإعلام أحد ، ولم تُظهِر الدّولة إذا كانت تلك الشّركة تابعة أو منفصلة عن شركة تكامل القابضة لدى النّظام السّعوديّ ، والشّركة السّعوديّة شركة تعمل بصفة حلقة وصل بين القطاعين الحكوميّ والخاص ، وهي محفّز اقتصاديّ من وجهة نظر مالكيها وشريك أساسيّ في تحقيق أهداف رؤية 2030م ، وهدفها تطوير سوق العمل السّعوديّ وبيئة العمل في المنشآت الحكوميّة والخاصة _ وفق ما هو معروف عن شركة تكامل القابضة السّعوديّة التّابعة لوزارة العمل والتّنمية الاجتماعيّة لدى النّظام السّعوديّ _ وتعمل تلك الشّركة في مختلف الوزارات والهيئات السّعوديّة .
وكذلك فإنّ الشّعب يأمل بمساءلة الوزراء الذين تتناقض تصريحاتهم وكلّ منهم يكذّب الآخر ويرمي السّبب في تقصيره على الآخر ، أو يعزو تقصيره للخارج ، أو يسخر من الشّعب ، والأمثلة على ذلك كثيرة وخصوصاً في مجالي الطّاقة الكهربائيّة والمحروقات التي نفاها المسؤولون بمختلف مستوياتهم مثل رئيس مجلس الشّعب والسّادة الوزراء وأثبتها سيادته ، فأين هم من التّوجيهات الكريمة لسيادته ؟! ، وأين تتجلّى عبقرية المسّؤول السّوريّ ؟!، ولعلّ اللافت في أيّ مسؤول عموماً أنّه يفكّر ملّيّاً ويتّخذ قراراتٍ ثم يعود عنها أو يراها لاحقاً أنّها لم تكن مناسبة ، وبعضهم يأخذ أفكار غيره ويعزوها لنفسه إنكاراً لصاحبها ، فهل نبعت من العبقرية النّادرة في اتّخاذ أيّ قرار يمكن أن يتمّ اعتماده ؟!. 
ومن هنا يتبادر للذّهن السّؤال الآتي : 
ما فائدة ذلك القرار الذي تمّ اتّخاذه أو اعتماده أو التّراجع عنه ؟ وهل يصبّ في مصلحة المواطن أو في عملية التّطوير الخاصة أو العامة ؟ وفي أيّ اتّجاه تمّ العمل بعبقريّة ؟! واستناداً لذلك يأملون إعادة الثّقة بينهم والحكومة بعدما فقدوا ثقتهم لممارسات الحكومات المتعاقبة البعيدة عن أدنى ما يحتاجه الإنسان من مقوّمات الحياة الكريمة والمعيشيّة اللازمة لبقائه على قيد الحياة دون تنفيذ الحكومات مبدأ الاعتماد على الذّات والإفادة من الثّروات لمختلف فئات الشّعب وفق ما تمّت الإشارة إليه في الجزء الثّاني ، وكان حملها وهميّاً فيما تقدّمه من خير للشّعب ، ونتيجة ذلك يرغبون أيضاً برسم سياسات اقتصاديّة وسياحيّة استراتيجيّة تسهم في ازدهار المجتمع السّوريّ ، وإنّ الشّعب حاليّاً غير قادر على تأمين لقمة العيش اليوميّة ، وكم من حالة تمّت الإشارة إليها عبر صفحات التّواصل الاجتماعيّ وغيرها عن والد قتل أبناءه أو تخلّى عنهم لعدم استطاعته تأمين لقمة العيش لهم ! ، وفي ظلّ غياب الجانب السّياحيّ خلال فترة الأزمة ، وربّما أستطيع أن أقول قبلها _ عندما كانت العبارات تقول في بعض المحافظات العربيّة السّوريّة على الطّرقات العامة ( تركيا قطعة من الجنّة ) ، فهل هذا يعكس سياسة سياحيّة اقتصاديّة لصالح سورية ؟! وهل هناك سياسة سياحيّة واضحة من خلال معظم الحكومات التي تعاقبت في سورية ، ولم نلحظ أيّ وزير سياحة قد حدّد معالم سياسة سياحيّة بصورة جليّة واضحة مع مرور الزّمن ؟!. 
وكذلك الحال فيما لو تساءلنا عن الواقع الصّناعيّ في سوريّة ، فإنّ الأزمة كانت شمّاعة لحال الصّناعة في سورية ؟ ولو طرحنا السّؤال الآتي : 
ما حال الصّناعات قبل الأزمة لنقارنها بالواقع في ظلّ الأزمة ، وربّما بعدها ؟ وما الصّناعات التي كانت قائمة في سورية من خلال القطاع العام ؟ ولماذا تتمّ عملية الخصخصة الصّناعيّة إذا كانت تلك الصّناعات في القطاع العام تحقّق أرباحاً وبالتّالي ازدهاراً في دخل المواطن ؟ ولو كانت تلك السّياسة الاقتصاديّة في سورية قائمة على دراسة استراتيجيّة حقيقيّة تؤدّي لازدهار الاقتصاد السّوريّ ، فلماذا لم نرَ أو نلمح نتائجها قبل الأزمة أو في ظلّها ، وربّما بعدها ؟!.  
وانطلاقاً من ذلك يرغب الشّعب بتغيير السّياسات الحكوميّة التي أسهمت في كثير من حالات خلق  الأزمات المختلفة للشّعب العربيّ السّوريّ دون تحقيق أدنى مقوّمات الازدهار كباقي دول العالم تحت حججٍ باتت واضحة لكلّ إنسان لتكون الحجج شمّاعة التّقصير المستمر ، ويأمل الشّعب متابعة المنظّمات أو الهيئات التي دخلت سورية ضمن الأزمة تحت مسمّيات التّنمية البشرية وغيرها ، وقد لوحظ الانتشار الواسع لها في سورية كالهيئة العامة لعلماء التّنمية البشرية والأكاديميات التي تمنح شهادات دكتوراه فخريّة وغيرها من عناوين ومسمّيات تحمل من وجهة نظر مروّجيها طابعاً إنسانياً والحقيقية عكس ذلك ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، وبعضها قد يكون تابعاً للكيان الصّهيونيّ ضمن إطار أو غطاء ادّعاء عمل إنسانيّ أو استراتيجيّ ، وهذا ما يطرح أسئلة مهمّة بالتّالي عن سبب غياب المتابعة ، ولنتذكّر العميل أو الجاسوس الصّهيونيّ إيلي كوهين عندما ادّعى بحبّ عودته لوطنه الأمّ ، فهل هناك مَن يماثله الآن ولا أستبعد ذلك ؟!، ويأمل الشّعب فصل الدّين عن الدّولة ، وبما أنّ الدّولة لا ترخّص لأحزاب دينيّة سياسيّة ، ولكنّها في الوقت نفسه أسهمت بوجود وزارة أوقاف ضمن الحكومة السّوريّة ، فكان التّناقض واضحاً في الجمع بين أمرين متناقضين ، فالأحزاب عادة هي التي تشكّل الحكومة في الدّول بصورة عامة ، وكذا الحال في سورية ، وهنا يتبادر السّؤال الآتي : 
كيف للدّولة السّوريّة أن تُضمِّن حكومتها وزارة خاصة بالأوقاف ، وهي تعكس توجّهاً دينيّاً ، وقد دعت تلك الوزارة إلى بناء المساجد وسوى ذلك من دور العبادة ممّا له علاقة بالدّين ومعاهد تحفيظ القرآن الكريم ، وكذلك الجماعات الإسلاميّة كالقبيسيّات ، وإضافة لذلك كان الإسلام مصدر التّشريع السّوريّ في الفقرة الثّانية من المادة الثّالثة للدّستور ، وكان قانون الأحوال الشّخصيّة الذي ما زال ضمن محور الشّريعة الإسلاميّة ، وكذا الحال في وزارة التّربية وما قدّمته في مناهجها ، وهنا يتبادر السّؤال عن القائمين على تأليف مناهجها وتوجّههم الدّينيّ ، وهذا ما أشرت له في الإعلام السّوريّ وفي مقالات سابقة والجزء الأوّل والثّاني أيضاً ، وانطلاقاً ممّا سبق فإنّ الشّعب لا يعارض أن تقوم الدّولة بتنظيم عمل وزاراتها بما يخدم الشّأن العام ومفهوم المواطنة في سورية ، ولكنّ يدعو أن يكون ذلك العمل موافقاً الدّستور ومواده وتطبيقاً لمواده كما أشرت في البحث الحالي ، ودون أن يعطي الفرصة لأيّة وزارة لتتحوّل إلى السّيطرة على مفاصل الدّولة ومؤسّساتها المختلفة ، وهذا ما كان في قانون لتنظيم عمل وزارة الأوقاف الذي أسهم بتدخّلها في مفاصل الدّولة ، والدّستور خصّ الدّولة في مختلف مؤسّساتها بالإشراف والمراقبة وأن تكفل حرّيّة الإبداع العلميّ والأدبيّ والفنّيّ والثّقافيّ وفق ما جاء في المادة الحادية والثّلاثين من الدّستور ، وليس وزارة الأوقاف ، ولم يشر لوزارة الأوقاف صراحة أو تضميناً ، كما أنّ القانون قد خالف الدّستور أيضاً عندما أشار إلى أنّ أعضاء الفريق الشّبابيّ الدّينيّ و الدّاعيات يأخذون الرّواتب المعفاة من الضّرائب ، وهذا ما يخالف الفقرتين الأولى والثّانية من المادة الثّامنة عشرة من الدّستور ، وكذلك نتساءل عن انتشار الكتب الدّينيّة في المراكز الثّقافيّة ، وهي كتب تحمل طابعاً دينيّاً موجَّهاً أو تحريضيَّاً ، والأمثلة عليها كثيرة جدّاً ، وبالتّالي تؤسّس لتوجّه دينيّ معيّن ، وكنت قبلاً قد تطرّقت بتاريخ 31/12/2017 لذلك في مقال بعنوان : " هل وزيرا الأوقاف والثّقافة سبب فساد الثّقافة "، وإذا كان عمل السّيّدين الوزيرين ينصبّ في التّمايز الثّقافيّ والمعرفيّ والفكريّ وبناء فكر دينيّ بعيد عن التّطرّف وزرع ثقافة بعيدة عن إثارة النّزاعات السّياسيّة ، فكيف اقتحمت كتب تحريضيّة وطائفيّة مكتبة الأسد ومعرض الكتاب العربيّ لتتصدّر دور النّشر وتأخذ مكانها من صور السّيّدين الوزيرين عندما تمّ التقاط صور لهما أمام دار بيسان اللبنانيّة بجوار تلك الكتب ؟!، ونتساءل أيضاً : 
لماذا لم تتضمّن تلك المراكز كتباً تنمّي القدرات الإبداعيّة والتّفكير الابتكاريّ والمهاري والتّعليميّ والثّقافي المميّز تنفيذاً للمادة الحادية والثّلاثين من الدّستور ؟!. 
ويأمل الشّعب الإفادة من دور النّخب السّياسيّة والثّقافيّة والاقتصاديّة ، وهنا يمكننا أن نتساءل مجدَّداً :
هل أحسنت الجمهوريّة العربيّة السّوريّة وضع أسس حقيقيّة لانتقاء النّخب السّياسيّة والثّقافيّة والاقتصاديّة قبل الأزمة لتحسن انتقاءها بعد الأزمة ؟! ولو أنّها أحسنت ذلك لما وصلنا إلى ما آلت إليه الأمور في بلدنا حاليّاً ، ومرّت الأزمة التي تعصف في أرض الجمهوريّة العربيّة السّوريّة وتلتهم أرضها وأبناءها ، فهل تمتلك الجمهوريّة العربيّة السّوريّة مشاريعَ استراتيجيّةٍ حقّاً لتقوم بحلّ إشكاليّاتها عبر النّخب التي تطمح لها ؟!.
ويأمل الشّعب ويرغب قبل اختيار أحد من المسؤولين أن تتمّ دراسة أخلاقهم ووضعهم المعيشيّ قبل تسلّم المنصب وبعده وليس النّظرة السّياسيّة له ، وهذا أمر مهمّ في اختيار السّادة المسؤولين _ وهذا ما وجّه به السّيّد الرّئيس قبلاً _ وكم من مسؤول تسّلم منصباً ما في سورية وتبيّن لاحقاً فساده ، وكان غياب المحاكمات سبباً رئيساً في تفاقم الفساد واستباحة الأرض من أبناء سورية الفاسدين قبل غيرهم من الخارج ، ولسنا في صدد تعداد تلك الحالات رغم كثرتها ، كما يرغب الشّعب في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة أن يعود تماسك المجتمع ووحدته بعيداً عن حالات التّنافر والتّمزّق التي أضحت سمة مميّزة له في ظلّ الأزمة .
ولعلّ من الأهمّيّة بمكان الإشارة إلى تطوير الإدارة التّربوية والثّقافيّة والسّياسيّة والاقتصاديّة ضمن الإصلاح السّياسيّ ووضع مواصفاتٍ ومؤهّلاتٍ للإدارة بدءاً من أدنى مرتبة وظيفيّة ومروراً برؤوساء الدّوائر والمديرين ومعاونيهم والوزير ومعاونيه ووضع استراتيجيّات جديدة لها وفق سياسة الدّولة ، وكلّ إدارة لها مواصفاتها ومؤهّلاتها ، ووضع نظام داخليّ لضبط عمل الإدارة وتوجيهها في مسارها الصّحيح الذي يخدم أهداف وسياسات الدّولة ، ويأمل الشّعب بدور الحكومة الإلكترونيّة وتفعيله لاحقاً ، واستصدار عفو عام يعيد سورية لوحدتها وتماسكها واستقرارها ، وإخراج مختلف القوّات الأجنبية الموجودة في سورية لبسط سيادة الدّولة وهيبتها فوق الأراضي العربيّة السّوريّة جميعها دون استثناء بفضل رجال الجيش العربيّ السّوريّ ، وتأتي إعادة هضبة الجولان لحضن سورية وطنها الأمّ بعد انسحاب القوّات الإسرائيليّة من ذلك _ وأرى عودته قريبة جدّاً _ بتحقيق مبدأ ( الأرض مقابل السّلام ) وليس السّلام مقابل السّلام كما تدّعي إسرائيل ، وأن تتمّ عودة العلاقات العربيّة مع سورية بعد رفع الحظر المفروض على الدّول العربيّة للانفتاح العربيّ نحو سورية بما يسهم في إعادة سورية للواجهة العربيّة ، والتي ستكون القمّة العربيّة القادمة سوريّةً بامتيازٍ . 
وختاماً فإنّ كلّ ما سبق كنت قد ذكرتُه في الإعلام الرّسميّ السّوريّ المقروء أو المسموع أو المرئيّ عبر مقالات أو لقاءات ومقابلات ونلتُ عليه شهادة الإبداع والتّكريم  ، وإنّي أضعه بين يدي السّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار حافظ الأسد حفاظاً على دستور الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ، ليعبّر عن تطلّعات الشّعب العربيّ السّوريّ ولما يمكن أن يكون في طريق وحدة سورية وشعبها وتماسكها والانتماء للوطن وتعميقاً لمفهوم الوطن والمواطنة ، والولاء للسيّد الرّئيس حفظه الله ، وإنّي على أمل أن يصل ما ذكرته للسّيّد الرّئيس . 

  بقلم الباحث والمحلّل السّيّاسيّ :
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية