يجب اللحاق بركب التغير الكبير في العالم


​ان الازمة الأوكرانية التي حدثت هذا العام شكلت انعطافا كبيرا في السياسة الدولية وفي الاقتصاد العالمي، ففي مجال السياسة العالمية بدا جلي بزوغ طرف ثاني او أكثر ونهاية تفرد الولايات المتحدة الامريكية كقوة عالمية وحيدة وهذا يعني العودة الى ما قبل 26 ديسمبر1991 وانهيار الاتحاد السوفييتي.

فهيمنة القطب الواحد هي الان في افول وبتسارع كبير، اما في مجال السياسة ان هيمنة الدولار الأمريكي والاقتصاد الأمريكي هو أيضا في افول فالعالم ومنذ اتفاقية برتون وودز عام 1944 التي جعلت الدولار هو العملة المرجعية الأولى وهو من يتم تسعير السلع على اساسة وخصوصا برميل النفط، كما خرجت حينها وبعدها المؤسسات الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والأمم المتحدة والاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة "غات") لتدعم التوجه العام السياسي والاقتصادي للاتفاقية.

للعلم ان العملة التي كانت مهيمنة على السوق والتجارة العالمية قبل ذلك هو الباون لكن انتهى عصره وجاء عصر اقتصادي جديد آنذاك، المرحلة الان تشابه تلك المرحلة من افول عصر عملة عالمية وبزوغ عملة أخرى وقد تكون اليوان الصيني او الروبل الروسي او عملة جديدة كما قال الرئيس الروسي بوجوب انشاء عملة جديدة لدول البريكس.

هذا مؤشر قوي بالإضافة الى مؤشرات أخرى على نظام مالي عالمي جديد منها بورصة شانغهاي للبترويوان والتي تكون بديل عن البورصات الامريكية او الغربية او المرتبطة بالنظام الغربي، وكذلك ان الصين قد انشات بنك عالمي يوازي في مهامه وصلاحياته البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وهو البنك الاسيوي للاستثمار في البني التحتية والذي تأسس عام 2014، ويضم أكثر من 35 دولة مساهمة ليس من بينها الولايات المتحدة، يقع مقر البنك في بكين، انضمت روسيا بصفة عضو مؤسس في البنك في 14 أبريل 2015.

الغريب ان دول أوروبية كبيرة انضمت لهذا البنك منها المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكذلك دول عربية منتها الكويت وقطر وعمان.

الان، السعودية فهمت المتغيرات العالمية الكبيرة التي تحدث فقررت ان تمسك العصى من المنتصف وان تتعامل مع الصين وفق المتغيرات الجديدة، فهي المورد الأول للبترول ويبلغ حجم صادراتها الى الصين بـ45.8 مليار دولار ثم الهند بـ25.1 مليار دولار، بعدها اليابان بـ24.5 مليار دولار، ثم كوريا الجنوبية بـ19.5 مليار دولار، لتأتي بعد ذلك، الولايات المتحدة بـ12.2 مليار دولار، وفي شهر مارس اجرت مباحثات بينهما لدفع تلك المبالغ اليوان الصيني بدل الدولار الأمريكي.

اما العراق وللأسف لم يقم باي خطوة تتماشى مع التغير العالمي الكبير الذي يحدث في العالم، ولم يجعل جزء من احتياطاته المالية بعمل اجنبية غير الدولار، فنراه يستغل الفائض المالي من ارتفاع سعر النفط في سندات أمريكية، بدل من استغلاله محليا او وضعة بعمل اجنبية أخرى هي واعدة مثل الروبل الذي ازدادت قيمته منذ بدا الازمة الأوكرانية او اليوان الصيني الذي سيستحوذ على التجارة العالمية قريبا.

اليوم، أعلنت وزارة الخزانة الامريكية، يوم، الاربعاء، عن ارتفاع حيازة العراق من السندات الامريكية بأكثر من 4.5 مليارات دولار خلال شهر أيار الماضي، بنسبة 13.94 % لتصل الى 32.894 مليار دولار بعد ان كانت 28.310 مليار دولار في شهر نيسان الماضي.

ان الاستغلال الصحيح لهذه الأموال يكون في الداخل وعن طريق انشاء البنك او الصندوق السيادي، واقراض المشاريع الاستثمارية بفوائد ذات قيود ميسرة وبالتالي النهوض بالاقتصاد العراقي وتحريك القطاعات الخاصة وخصوصا الصناعية والزراعية.

نتمنى على الحكومة المقبلة ان تضع في منهاجها الحكومي هذه المتغيرات العالمية الكبيرة والتي ان استغلت بصورة صحيحة فيصبح بالإمكان ان تغير في الواقع العراقي وترفعة عاليا، ان الفرصة مؤاتية جدا في استغلال الجانب الشرقي الذي هو في حالة نمو كبير واحتياجة الى أعوان تقف معه ، واستغلال هذه الحاجة في النمو الاقتصادي باستغلاله في انشاء مصانع واعمال استثمارية من الفائض المالي وارتفاع سعر النفط، وحتى المعسكر الغربي مع صعوبة هذا الجانب من الممكن استغلاله أيضا، لكن اللاعب السياسي العراقي يحتاج الى ذكاء اكبر ولذلك نفضل النظام العالمي الجديد بزعامة روسيا والصين.