بين زيارات ترامب الى المنطقة عام ٢٠١٧ ..وبايدن عام ٢٠٢٢


تلتقي الزيارتان بمشتركات استراتيجية وتختلفان لظروفهما الاستراتيجية ايضاً.

زايارات الرئيس السابق ترامب الى المملكة العربية السعودية في شهر مايو عام ٢٠١٧ تميّزت بالغطرسة والابتزاز  والاستبداد ، وكانت لمصلحة اسرائيل اولاً ولمصلحة الخزينة الامريكية ثانياً ، والزيارة المقبلة للرئيس بايدن والمتوقعة في منتصف شهر تموز المقبل ،ستميّزها الدبلوماسيّة والطلب (ان لم نقل الاستجداء ) ، و الاماني ، ولكن ،ستكون ايضاً لمصلحة اسرائيل ، ولانقاذ الاقتصاد الامريكي و الغربي .

لم يستفدْ العرب اي شئ من زيارات ترامب ،لا على الصعيد الاقتصادي ، و لا على الصعيد السياسي ؛ لم يتمّْ القضاء على ايران او تحجيم قدراتها او تقليص نفوذها ، وتلك كانت من الاهداف الاساسيّة للزيارة ، ومن امنّيات اسرائيل ، وبعض العرب ،الذين كانوا يتوعدون بنقل المعركة الى داخل ايران . اسرائيل و امريكا هما اللّتان  انتفعتا استراتيجياً من الزيارات و اللقاءات التي اجراها الرئيس ترامب آنذاك ، وعلى حساب مصالح العرب ،لا على حساب مصالح ايران و لا على حساب مصالح تركيا .

نجحَ الرئيس ترامب في اسناد اسرائيل معنوياً وسياسياً و اقتصادياً ، من خلال توسيع و تعميق مساحة التطبيع العربي الاسرائيلي ،خاصة بعد فقدان اسرائيل قوة الردع العسكري ازاء محور و حركات وفصائل المقاومة.

الزيارات المقبلة للرئيس بايدن متممّة لزيارات ترامب بخصوص مصلحة اسرائيل ومصلحة امريكا اقتصادياً ، ولكنها ( واقصد الزيارات ) ،ستكون  على حساب مصالح العرب ايضاً ، ولكن دون عربدة و دون ابتزاز لسببيّن : السبب الاول يعود لسلوك الرئيس بايدن و ادارته و المختلف عن سلوك الرئيس ترامب و ادارته ، والسبب الثاني حالة التحديات الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة الامريكية بسبب حرب اوكرانيا ،و شعور امريكا  والغرب بالفشل في مواجهة الحرب الروسيّة الاوكرانية و تداعيتها الاقتصادية والاجتماعية.

سيستعرض الرئيس بايدن في هذه الزيارة اكثر مما سيجني ! ستكون زيارة استعراضية سياسيّة موجّهة للعالم  وموجّهة ايضاً للداخل الامريكي قبل الانتخابات القادمة للكونغرس الامريكي والمزمع اجراؤها في شهر نوفمبر القادم ؛ موجهّة للعالم كي تؤكد امريكا حضورها الدولي في منطقة الطاقة و مستودع الملفات الساخنة ، والتي تهّمُ روسيا ، والزيارة موجّهة ايضاً الى استمالة صوت الناخب الامريكي ، وخاصة اللوبي الصهيوني ،الحريص جداً على مصلحة  وامن اسرائيل .

 هل سيتّم الاعلان عن تأسيس ناتو عربي اسرائيلي ،او ناتو شرق اوسطي ، خلال زيارة الرئيس بايدن؟

لا اعتقد ذلك ، و ارى أنّّ المبالغة في التناول الاعلامي و السياسي للموضوع هو لتبيان مدى اهتمام الرئيس بايدن بمصلحة اسرائيل . كما انَّ التعاون الامني و الاستخباراتي وحتى العسكري بين اسرائيل وبعض الدول العربية والسلطة الفلسطينية قديم و فاعل ،و لولاه لما توسعّت اسرائيل . لننظر الى مساحة اسرائيل قبل اتفاقيات اوسلو عام ١٩٩٣، ومساحتها الآن عام ٢٠٢٢ ، أولمْ تتوسّع اسرائيل بسبب هذه الاتفاقيات التي وفّرت لاسرائيل غطاء وتعاوناً عسكرياً  وسياسياً…

كذلك يوجد ،ومنذ سنوات ، تعاون عسكري اسرائيلي وخليجي ( اماراتي )، وخاصة في مجال التدريبات العسكرية  والطلعات الجويّة، ومستمر وعلناً . والتعاون و الاجتماعات بين قادة عسكريين عرب و اسرائيليين قديمة وعلنية ومستمرّة.

المبالغة في الترويج الاعلامي عن التعاون العسكري العربي الاسرائيلي هو لتعزيز حضور و معنويّة الكيان الاسرائيلي في المنطقة وفي الوسط العربي ، و خاصة بعد فقدانه لقوة الردع العسكري وفشله في أضعاف قوة و نفوذ ايران  والمقاومة، وكذلك محاولة اسرائيلية لعزل ايران ، واظهارها بانها العدو  والمحتل في المنطقة، وسبب عدم أمن  واستقرار المنطقة ،اي ،بعبارة اخرى ، جعل ايران هي التي ترتدي لبوس اسرائيل! ولا يوجد في العالم أبرع من امريكا ومن اسرائيل في تزوير الحقائق و في ألباس الحق بالباطل.

  زيارة بايدن الى المنطقة ومشاريع التعاون والتطبيع بين بعض الدول العربية واسرائيل وبرعاية امريكية دليل على عدم وقوع حرب في المنطقة . امريكا وحلفاؤها واصدقاؤها الاوربيون والعرب ألجموا اسرائيل و اقنعوها بضبط النفس وعدم المجازفة بحربٍ مع ايران او مع لبنان ، وما يقدمونه لاسرائيل الآن على الصعيد السياسي والاقتصادي ليس الاّ ارضاء لها، وثمناً لموقفها.