صمت العرب بدلاً عن “صوت العرب” ازاء الاعتداء الاسرائيلي على مطار دمشق الدولي
حسب علمنا لم يدين العرب ،بأستثناء لبنان ، القصف الجوي الاسرائيلي ،الذي استهدف مطار دمشق الدولي بتاريخ ٢٠٢٢/٦/١٠ . وكلّف الامين العام للامم المتحدة الناطق الرسمي بأسمه كي يعرب للعالم قلق الامين العام و قوله بأنَّ المنطقة لا تتحمّل التصعيد .على كل حال ،التعبير عن القلق افضل من الصمت .
في سبعينيات القرن الماضي كان للعربِ صوتاً ” صوت العرب ” ، وكان بعض المفكرين والكتّاب ،الحالمين بدور فاعل للعرب يصفون العرب بأنهم ” ظاهرة صوتّية ” . اليوم ، وبعد نصف قرن ، و بدلاً من ان يكون للعرب قوّة و مكانة و دور ،فقدوا حتى الصوت ، و تقهقروا وتشتتوا ، واصبحَ عدّو الامس ( اسرائيل ) هو النواة في لّمْ شمل بعضهم .و ما صمتهم ازاء اعتداء على مرافق مدنيّة ( مطار دمشق الدولي ) ، يُمنعْ قصفه حتى في حالة الحرب ، الاّ برهاناً على تأييد ضمني للاعتداء !
كيف تفهمْ اسرائيل صمت العرب ؟
ستعتبره اشارة ضوء اخضر لممارسة المزيد و التصعيد ، سواء في الساحة السوريّة او في ساحة عربيّة اخرى . اصبحَ موقف بعض العرب تجاه اسرائيل كموقف امريكا و الغرب حيث يعتبروها فوق القانون الدولي و غير خاضعة للمساءلة والادانة عن جرائمها و اعتداءاتها في المنطقة .
الادانة او التنديد لن تمنعْ اسرائيل من بناء المستوطنات و الاستمرار في الجرائم و الاعتداءات ، ولن تُسعِف سوريا بما تحتاجه من وقود ومستلزمات لشعب مُحاصر و تُسرق ثرواته من قبل قوّة عظمى بالسلاح و “بالديمقراطية ” ، ولكن الادانة تُعبّر عن ادنى التزام بمعايير العدالة و القانون الدولي و الانسانية ،وتعّبر ايضاً عن احترام الدول لارادة شعوبها الرافضة للظلم والاستبداد و التعسف ، وستكون وثيقة شاهدة للتاريخ و للأجيال .
صمت العرب ازاء الاعتداء الاسرائيلي على مطار دمشق الدولي هو السماح لقوى الاعتداء و الاحتلال ( امريكا ،اسرائيل ،تركيا ) بالاستفراد ببلد وبشعب عربي لممارسة مزيد من سرقة ثرواته و احتلال اراضيه و تجويعه وحرمانه ! ، وبعد كل ما تعرضّت له سوريا من خراب وتدمير ممنهج و بأدوات وبأموال خليجية ،يطالبونها بالتخلي عن ايران و عن روسيا وعن حزب الله !
امتناع العرب عن ادانة جريمة دولية ،أرتكبها كيان عنصري مُحتلْ وخارج عن القانون الدولي و الانساني و الاخلاقي ، هو بالتأكيد موقف سياسي .
ولكل موقف سياسي اسبابه و ابعاده وحيثيات تبنّيه .
هل هذا الموقف رسالة وّدْ لاسرائيل ، وتعبير عن بداية مرحلة اعمق و ابعد من التطبيع ، هل حلّتْ الاخوة الساميّة و العبريّة محلْ الاخوة العربية ؟ هل حلَّ التاريخ العربي الاسرائيلي المتخوم بالجرائم و بالاحتلال و بالاغتصاب و بصراع الوجود محلْ التاريخ العربي و الجغرافية العربية والروابط العربية المشتركة ،الجامعة لكل الشعوب العربية ؟
هل زيارة الرئيس بايدن المقّررة الى المملكة العربية السعودية ولقاءه مع بعض الرؤساء العرب ،في منتصف الشهر القادم ، حالت دون أقدام العرب على التنديد بجريمة دوليّة ،ارتكبتها اسرائيل ضّدَ سوريا ،تحاشياً لغضبه و عتابه ؟
هل فكّرَ العرب بأنَّ الادانة ستكون موقفاً غير مناسباً ، والحديث مع الرئيس بايدن سيكون حول أمن اسرائيل وحول التحالف العربي – الاسرائيلي ضّد خطر الوجود ،الذي يداهمهم من أيران ؟
تتعدّدْ الاستفهامات ، وجميعها مشروعة ، وتلفْ وتدور في رأس كل عربي ، وكل انسان مطلّع على تاريخ وجغرافية المنطقة و احداثها ، ومطّلعْ على جرائم امريكا و اسرائيل في المنطقة ، ومطلّعْ على ما تعانيه سوريا من احتلالات اسرائلية وتركية و امريكية ، وما تعرضَّ شعّبها من ارهاب وقتل وتشريد وحصار تحت شعارات ، ازاحَ الزمن و اعترافات مروّجيها ، كَذِبها و زيفها .
التعليقات