بين يحيى بن زكريا والحسين بن علي


يزعم البعض ممن قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة أن السبب وراء كفر من كفر هو (الغلو في الصالحين وإقامة الأضرحة لهم والاحتفاء بذكرهم)!!.

بينما يحفل تاريخ الأديان بالممارسات الشائنة لغلاظ الأكباد ممن فرضوا وجودهم ورؤيتهم على جمهور المؤمنين المستضعفين وقد حذر الله تبارك وتعالى منهم بقوله (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) آل عمران 21-22.

الآيات الكريمة تتحدث عن أناس حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة أي أنهم من المنتسبين للدين وربما كانوا من الذين يظنون أنهم يحسنون صنعا ولكنهم لن يعثروا على من ينصرهم أو يشفع لهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

الحديث عن (خطر الغلو في الأنبياء والصالحين) لا يعدو كونه لحنا في القول وخلطا للحق بالباطل يمارسه عن سبق إصرار من يكتمون الحق وهم يعلمون ليبرروا من خلال هذه الترهات ظلمهم وبغيهم على الأنبياء والأولياء!.

عندما خرج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة المنورة إلى مكة خائفا يترقب مرددا دعوة موسى عليه السلام رب نجني من القوم الظالمين التقى بعبد الله بن عمر فقال له: (يا أبا عبد الرحمن، أما علمت أن من هوان الدنيا على اللّه ان رأس يحيى بن زكريا اهدى إلى بغي من بغايا بنى اسرائيل، أما تعلم أن بني اسرائيل كانوا يقتلون ما بين  طلوع الفجر الى طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يجلسون فى أسواقهم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئا، فلم يعجل اللّه عليهم بل أمهلهم واخذهم بعد ذلك اخذ عزيز ذى انتقام).

إنهم بنو إسرائيل الذين قرر البعض من بني جلدتنا الاقتداء بهم واتباع سننهم حذو النعل بالنعل والذين قتلوا نبي الله يحيى بن زكريا فلم يعجل الله عليهم بل أمهلهم قبل أن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

إنهم بنو إسرئيل أول من حارب (الغلو في الأنبياء والصالحين) بقتلهم وتقديم رؤوسهم إلى البغايا والساقطات وأصحاب الرايات فصاروا بذلك مؤسسو الوهابية الحقيقيين!!.

أما كيف انتقم الله من السابقين وما أوعد الله به اللاحقين فيحكيه القرآن الكريم في سورة الإسراء (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً* إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً) آية 5-7.

يقول القرطبي في تفسير هذه الآية: لما ذبح يحيى بن زكريا نَدَرَتْ قَطْرَة مِنْ دَمه عَلَى وَجْه الْأَرْض فَلَمْ تَزَلْ تَغْلِي حَتَّى بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ (بني إسرائيل) بُخْتَنَصَّرَ فَأَلْقَى فِي نَفْسه أَنْ يَقْتُل عَلَى ذَلِكَ الدَّم مِنْهُمْ حَتَّى يَسْكُن ذَلِكَ الدَّم, فَقَتَلَ مِنْهُمْ سَبْعِينَ أَلْفًا. وَعَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ: (أَوْحَى اللَّه إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي قَتَلْت بِيَحْيَى بْن زَكَرِيَّا سَبْعِينَ أَلْفًا, وَإِنِّي قَاتِل بِابْنِ اِبْنَتك سَبْعِينَ أَلْفًا وَسَبْعِينَ أَلْفًا). وَعَنْ قُرَّة بْن خَالِد قَالَ: مَا بَكَتْ السَّمَاء عَلَى أَحَد إِلَّا عَلَى يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا وَالْحُسَيْن بْن عَلِيّ; وَحُمْرَتهَا بُكَاؤُهَا.

تلك هي العلاقة بين يحيى بين زكريا والإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء عليهم السلام التي يتغافل البعض عنها مهونا من شأن ذلك الجرم المعادي لرسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته وهذا هو وجه الشبه بين قتلة يحيى بن زكريا وقتلة الإمام الحسين من الأولين والآخرين الراضين عن فعال المجرمين الساعين لتبرئتهم من كل إثم ملقين باللوم على من يصفونهم بالغلاة!!.