الردع اليمني وامدادات النفط : ورقة فاعلة لوقف الحرب


وسط الحرائق والدماء ارتفع الصياح والصراخ السعودي بعد اصابة نقاط حساسة في شبه الجزيرة بصواريخ يمنية أدت الى تعطيل امدادات النفط السعودية إلى أسواق العالم وهي من أهم موارد الطاقة الرئيسية التي يرتكز عليها الاقتصاد الأميركي والغربي بسبب كلفتها المنخفضة والامتيازات التي يمنحها النظام السعودي للشركات الأميركية ولمصالحها المتشعبة في المنطقة حتى صح وصف أرامكو بانها قلب النظام السعودي وروحه بل ولاية أميركية على أرض شبه الجزيرة العربية.
الانخراط في العدوان على اليمن يضاف الى سواه من مآثر الدور السعودي المعروف في خدمة الهيمنة الأميركية الغربية على الشرق العربي وما قدمته الرياض لعصابات الإرهاب والتدمير في سورية ولواجهات العمالة المشبوكة بالاستخبارات الأميركية الغربية في عموم المنطقة وسائر بلدانها هو تعبير عملي عن وظيفة مشبوهة ودور مكشوف في خدمة الحلف الأميركي الصهيوني وهيمنته على المنطقة.
الهدف الفعلي لضربات أانصار الله الردعية هو حث الجهود لوقف العدوان وفرض التوازي في الخسائر والنتائج والآلام لتعجيل وقف حلقة النزيف والحرائق المتمادية وحتى الساعة يظهر النظام السعودي والمتورطون في ركابه عنادا خطيرا ومخزيا في التسبب بالمزيد من اراقة الدماء ونشر الخراب والدمار ويديرون ظهورهم لجميع المبادرات والمحاولات والنداءات.
هذا الموقف السعودي هو حاصل مركب من مكابرة وتجبر وعنجهية  تنهار مقوماتها كلما لاحت بوادر ومؤشرات العجز العسكري وعدم القدرة على حسم الموقف رغم المؤازرة الأميركية المباشرة التي حملت شحنات سلاح لن تفلح في تمكين الرياض من فرض ما ترغب به من املاءات وشروط لإخضاع اليمن.
إن واشنطن تستثمر العجز السعودي عسكريا عن الحسم السريع  وهي تتمادى في حلب الأموال ولم يسبق ان شهد العالم المعاصر اعارة وتأجير الأسلحة المتطورة وطائرات التجسس وغرف العمليات المجهزة والمتطورة بمثل ما جرى في هذه الحرب التي تعاملها واشنطن كموسم لحلب الأموال مقابل خدمات تقنية واستخباراتية متعددة وكميات ضخمة من السلاح والذخائر والخبرات المؤجرة.
يعتمد الجانب المقابل في ضفة اليمن على امكانات ذاتية متواضعة ويردم الفجوة الهائلة في التوازن العسكري بالابتكار وبقدرات وكفاءات تقنية مكتسبة تظهر تفوق العنصر البشري اليمني  وقد جاءت الشواهد في انجاز تطوير وتحديث أسراب من الطائرات المسيرة هي من تجليات العبقرية الهندسية والقدرة اليمنية على تمثل التقنيات الحديثة وتوطينها وتطوير ما جرى استنساخه من أدواتها التي بات معظمها صناعة وطنية يمنية وهنا ام المفارقات التقنية والمالية. 
انها في المعيار التاريخي مسافة حضارية نوعية بين جهة تمتلك التكنولوجيا والمعرفة والقوة البشرية المؤهلة المبدعة وهي تنتج بإمكانات بسيطة أدوات تقنية متفوقة تثبت فاعليتها واقتدارها وتبرهن على المزيد من التمكن الذي يتوج بتحولات مبهرة في توازن القوى الميداني كما تبرهن أخبار الجبهات القتالية في اليمن وفي دراسة التوازن العسكري يفترض أن تلاحظ مفارقة أننا نعاين مواجهة بين فريق يعتمد على جهات خارجية حاضنة وداعمة وفريق مقابل يعوض بالابتكار فجوة الإمكانات الهائلة. 
الأهم أن الجانب اليمني هو الأقدر على احتمال الألم والنزيف في هذا السجال وقد أظهرت الوقائع والشواهد هشاشة بلد يعوم في رفاهية مفرطة تضمنها الريوع النفطية الهائلة بينما على ضفة الحرب الأخرى شعب اعتاد ان يحيا في اقتصاد شبه طبيعي حياة التقشف والكفاف  تقوده حركة تحرر وطنية تؤكد التصميم على الحرية والاستقلال وتحرير الموارد الوطنية.
نشير هنا بدقة وأمانة إلى أن أحرار اليمن لوحوا على سبيل الردع السياسي والمعنوي بأهداف لم يقصفوها كمحطات تحلية المياه وغيرها من المرافق التي لا تعصى على صواريخهم الدقيقة وطيرانهم المسير وقد يسبب استهدافها خسائر لا حصر لها والأولى أن تعتبر حكومات العدوان وتوقف مسلسل الخراب والموت وتوفر مزيدا من الخسائر.
كل خسارة عربية من موارد الثروة والاقتصاد تصيبنا بألم وحسرة أيا كانت وجهة التخندق السياسي للمسؤول عنها والمصاب بنتائجها لأنها تنزف من رصيدنا القومي والإنساني المجمع بحسابيه الجاري والمستقبلي ولذلك نخلص الى القول إن وقف النزيف اليمني السعودي والإماراتي هو مهمة قومية عاجلة تبحث عن راشدين وعقلاء يعملون لتحقيقها بكل الوسائل السياسية الممكنة.
لن يمر وقت طويل قبل انطلاق إيحاءات وطلبات مواربة من الرياض لإبداء رغبة بالجلوس إلى طاولة التفاوض في عاصمة عربية ثالثة نأمل ونقترح أن تكون دمشق وهي حاضنة الهم القومي العربي وجامعة الشمل ويمكن للتفاوض برعايتها ان يقود الى حل معقول ومقبول يحقن الدماء ويوقف النزيف المؤذي اقتصاديا وانسانيا على ضفتي الحرب.