إحياء الاتفاق النووي.. قريبُ البعيد


إحياء الاتفاق النووي.. قريبُ البعيد

د.

الآن وقريباً بالجولة السابعة من مفاوضات اللجنة المشتركة، يشعر الطرفان بتفاؤل حذر بأن هذه الجولة يمكن أن تكون الجولة الأخيرة؛ بهذا الشرط أن يتخذ الطرف الآخر قرارات سياسية. تأكد الولايات المتحدة أن فرصة التفاوض مع إيران بشأن إحياء الاتفاق النووي ليست بلا حدود و في المقابل تصر إيران على رفع "كل" العقوبات الأمريكية بطريقة يمكن التحقق منها. التقييم الأمريكي هو يعتقد بأن إيران تستعجل للتوصل إلى اتفاق وإحياء الاتفاق النووي بسبب قضايا السياسة الداخلية والضغوط الاقتصادية. لهذا السبب قال روبرت مالي إنه يذهب إلى فيينا لأنه يأمل في إحياء الاتفاق. بشكل عام ، يمكن نقول بأن بعد ست جولات من المفاوضات المكثفة، تم إحراز تقدم كبير ولكن تبقى هناك قضايا رئيسية التي يمكن أن تعرض للخطر بشكل جدي لمشروع إحياء الاتفاق النووي بأكمله. القدرات النووية والعقوبات وترتيب عمل الأطراف فيما يتعلق بالتحقق الالتزامات و أداء الادوار هي هذه المجالات الثلاثة الهامة للغاية.
۱. يتمثل الاختلاف الرئيسي الأول في التزامات إيران النووية وقدرتها في هذا المجال. يبدو أن قضية آلات الجديدة للطاقة النووية في طهران لا تزال قضية رئيسية. من وجهة نظر الطرف الأخر، إذا رفضت إيران تدمير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، فإن وقت هروبها سيكون أقصر.. ما لم توافق الدولة الايرانية على تحطيم الجيل الأول من أجهزة الطرد المركزي بما يعادل هذه الآلات. من وجهة نظر إيران، هذا العمل مذل ويتجاوز نطاق برجام. يبدو أن الجانب الغربي يعتقد أن طهران تنظر إلى أجهزة الطرد المركزي هذه على أنها وسيلة ضغط في المفاوضات. ستكون وجهة النظر هذه من الجانب الآخر أقويٰ عندما ننتبه إلى أخبار الهجوم الأخير على مركز منظمة تطوير أجهزة الطرد المركزي الإيرانية (TESA) بغض النظر عن نوع الهجوم ومعدل نجاحه. لذلك ، يمكن القول أن الأجندة الرئيسية لأوروبا والولايات المتحدة في هذا المجال لا تزال معارضة التخصيب داخل إيران (في أقصى وجهة نظر) وتخفيض مستواه ومواصلة إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع تدمير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة (وفقًا للاتفاق وفي الحد الأدنى).
وفي هذا الصدد ينبغي إيلاء اهتمام خاص لكلمات غروسي، المدير العام للوكالة. نظراً بتغطي خلفيته القضايا الفنية وأدلى بتصريحات حول البيانات التي سجلتها الكاميرات، أكد غروسي عدم استجابة إيران لرسالة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن تمديد الاتفاقية الثنائية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأصر على تقييد وصول الوكالة إلى إيران.. وبالتزامن مع انتهاء الاتفاقية في 24 حزيران (يونيو)، كل هذا يشير إلى تعاون الوكالة مع الطرف الناقض والخارج من الاتفاق النووي. في الواقع يسعى غروسي إلى توفير تغطية فنية ومخاوف مشروعة للطرف الآخر لأغراض سياسية. يحاول الجانب الآخر بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تسليط الضوء على هذا الخط من الأخبار والتحليلات في وسائل الإعلام وبالطبع في المفاوضات التي "بسبب عدم تجديد اتفاق إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية و عدم أداء معلوماتها إلى تقليص قدرة إيران على التخصيب بشكل متزايد، فزاد من صعوبة العودة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقلص وقت التهرب النووي الإيراني إلى أقل من عام". الهدف النهائي من هذا الجهد المشترك واضح: "إثارة الشكوك والخوف في طهران من حرج علاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتصعيد التوترات مع الولايات المتحدة وأوروبا وبالتالي تلبية أجندة الطرف الآخر من حيث التحقق والتسلسل وتعليق العقوبات".
توقعات إنريكي مورا من ممثل الاتحاد الأوروبي لدى اللجنة المشتركة لاتفاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإيران بمواصلة مراقبة الأنشطة النووية، حذر أنتوني بلينكن وجان إيف لودريان طهران من فرص محدودة للعودة إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق وأشار بلينكين إلى أن "التقدم في البرنامج النووي الإيراني سيجعل الصعوبة بالعودة إلى الاتفاق".. الجميع الأدلة في هذا السياق تقوم غي رمي الكرة علىٰ أرض إيران و إلقاء اللوم عليها في فشل المحادثات أو تباطؤها، بسبب إصرارها على رفع العقوبات في عهد ترامب وحقيقة أن الإجراءات الأمريكية تم اختبارها والمخاوف من تكرار ترامب لها، في المستقبل. 
۲. الاختلاف الرئيسي الثاني هو نطاق العقوبات التي يجب على الولايات المتحدة رفعها. عدم إكتفاء إيران بتعليق العقوبات أو إصدار إعفاءات دورية من القوانين التي يقرها الكونجرس، وضرورة تقديم ضمانة من الولايات المتحدة بأنها لن تنسحب من الاتفاق النووي وإعادة العقوبات، في الوقت التي تصر واشنطن على "عدم رفع كل العقوبات التي كانت مفروضة على إيران في عهد ترامب"، لقد عرّض المفاوضات لخطر كبير. تدرك إيران بشكل جيد أن الولايات المتحدة لا يمكنها ولا تريد تعطي ضمان لعدم تكرار اسلوب ترامب في المستقبل أو زيادة الضغط البرلماني على الحكومة الأمريكية بشأن الاتفاق النووي والمزيد من العقوبات ضد إيران. يبدو أن هدف إيران في هذه المرحلة هو الحصول على المزيد من التنازلات، لكن هذا لن يلبي حاجة إيران الأساسية لتفكيك و فشل كل هيكل العقوبات. يجب أن تطالب إيران بجدية برفع العقوبات الرئيسية حتى يكون للقضايا المحلية والمنافسات بين الأطراف الأمريكية أقل تأثير على مصلحة الاتفاق النووي. يدركون المفاوضون الإيرانيون جيدًا أن جوهر الصراع بين إيران والولايات المتحدة سيستمر وحتى بافتراض إحياء الاتفاق النووي من وجهة نظر طهران، فإن الضغوط القادمة على إيران ستكون في المجالات الإقليمية والقوة الدفاعية العسكرية وحقوق الإنسان. إذا لم يتم رفع العقوبات الرئيسية الخالية من الملصقات في هذه المفاوضات، ستعيد الولايات المتحدة بمعاقبة مؤسسات إيران الإقليمية والدفاعية والأشخاص تحت شعار مكافحة الإرهاب! ومن يمكن أن تكون هناك دورة المفاوضات لمنح الولايات المتحدة تنازلاً ومزايا اقتصادية.. هذا الموضوع يكرره الغرب مرارًا وتكرارًا في سياق المحادثات النووية.
٣. الاختلاف الرئيسي الثالث هو في مجال التقدم والتأخر في خطوات الأطراف للوفاء بالالتزامات. تصر إيران على التحقق من الإجراءات الأمريكية ثم العودة إلى التزامات المنصوصة في الاتفاق النووي، وقد تقول الولايات المتحدة بصراحة أنها لن تقبل هذه العملية. أثار الأسلوب السابقة لولايات المتحدة في الاتفاق النووي وعدم وجود ضمانات من البيت الأبيض شكوكاً جدية في إيران. لهذا السبب، تجدر الإشارة إلى أن المسئلة ليس عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، بل إن النقطة المهمة للغاية هي نتيجة المفاوضات في مجال العقوبات وتسلسل الإجراءات. يمكن لإيران أن تفي بالتزاماتها النووية دون وجود الولايات المتحدة وبشرط رفع العقوبات. لذلك يجب على طهران الوفاء بالتزاماتها النووية بطريقة، أولاً يتم فيها مراعاة مبدأ الزمني المتنايب بالإجراءات وثانيًا قابلية التراجع عنها في غضون فترة زمنية مقبولة. لذلك قبل التوصل إلى اتفاق، يجب على طهران التأكيد على ضرورة رفع العقوبات والمطالبة بها. يجب أن تكون مسألة الحصول على ضمان من الولايات المتحدة هي الأولوية التالية.
 تشكيل لجنة في المجلس الأعلى للأمن القومي لمراجعة محادثات فيينا يظهر عزم طهران على حل هذه القضية. لكن تجربة برجام أظهرت أن التسرع في الوفاء بالالتزامات بغض النظر عن الغرض من التفاوض (رفع العقوبات واستمرار استغلالها الاقتصادي) وفي النهاية أدى ذلك إلى خرق التزام الطرف الآخر ومزيد من الضغط الاقتصادي وتآكل إعادة التفاوض. ولمنع ذلك ستكون من الضروري المطالبة برفع العقوبات ثم الوفاء بالالتزامات النووية.

المصدر: رأي اليوم