المقاومة وحفظ الحقوق


لما كان النظام العالمي الحالي الذي نشهد اليوم إرهاصات زواله قد أسسه الأقوياء المنتصرون بالقوة العسكرية في الحرب العالمية الثانية.

ولما كان هذا النظام يقدّس القوة في أعلى منظمة أمنية فيه ويعطي للأقوياء حق الاعتراض (الفيتو) على القرارات التي تضر بمصالحهم ومصالح أتباعهم من الدول حتى ولو كانت متضادة مع القيم الإنسانية.

ولما كانت الدول فيه محكومة ببقائها واستمراريتها إلى الانقياد لقوي من أقويائه يقدم لها الحماية مقابل التبعية والطاعة ولم يشذ عن هذه القاعدة إلا الجمهورية الإسلامية في إيران التي أثبتت اقتدارها واستقلالها بصلابة عقيدتها وحكمة قيادتها وتضحيات وصمود شعبها.

ولما كانت الشعوب المستضعفة فيه تُستعبَد دولها رغماً عن إرادتها من قبل حكام لها مرتبطين بالأقوياء المستكبرين يقدمون لهم ثرواتها عبر اتفاقيات تفرّط بحقوقها ويسهلون لهم بذلك سبل سرقتها ونهبها مقابل الإمساك بالسلطة والملك.

ولما كان الضعيف المسالم فيه التارك لسبل ووسائل إعداد القوة والمتخلي عن سياسة الجهاد والكفاح ذليلاً صاغراً حقيراً مغبوناً قميئاً.

أصبحت الدعوة إلى ترك الجهاد العسكري وانتهاج سبيل التفاوض مع الخصوم والأعداء لتحصيل الحقوق ضرباً من السفاهة أو العمالة أو مزيجاً من كل منهما.

وأصبح من يدعو إلى احترام القرارات الدولية التي وضعها المستكبرون رعاية لمصالحهم على حساب مصالح المستضعفين جاهلاً أحمق لا تخلو سريرته في الغالب من نفاق وعمالة لهم.

إن تجربة القوة التي تخوضها اليوم المقاومة القادرة في لبنان لحفظ حقوق لبنان في أرضه وثرواته النفطية والغازية تثبت للجميع أن الحق لا يؤخذ إلا بها وأن المعادلة الذهبية التي أرستها في لبنان ذات الأركان الثلاثة: جيش وشعب ومقاومة هي معادلة فعالة منتجة قادرة على حفظ الحقوق وانتزاعها من أيدي المستكبرين الناهبين وأتباعهم في المنطقة وهي جديرة بذلك أن يُقتدى بها من قبل الأحرار في العالم.