هل يقود الاتفاق النفطي الروسي -السعودي الى تقارب وتفاهم حول حرب اليمن


تساءلت جريدة “واشنطن بوست”، في افتتاحيتها ليوم ٢٠٢٢/١٠/١٠ ، عن كيفيّة تعافي الرئيس بايدن من فشله في السعودّية، وقارنت قرار “أوبك +” بتخفيض الانتاج وبالاتفاق بين روسيا والمملكة العربية السعودية، بقرار حظر تصدير النفط الذي اتخذته الدول العربية وبمبادرة السعودية في اكتوبر عام ١٩٧٣ ولغاية اذار ١٩٧٤. ووصفَ كثير من اعضاء الكونغرس الامريكي والسياسيين والمحللّين قرار التخفيض بالمفاجئ  والصادم .

 نَدمْ وفشل أمريكي يقابلهُ رضا وعدم مبالاة من الطرف السعودي ، بلْ والقرار السعودي حظيَّ بتأييد شعبي سعودي وعربي، لأنه قرار يتماشى مع مصلحة المملكة ومصلحة الدول الاعضاء في منظمة اوبك ، وقرار متحرّر من الابتزاز الامريكي.

مثلما نجحَ الوسيط الامريكي في الوصول الى اتفاق بين جمهورية لبنان والكيان المحتل لفلسطين في ترسيم الحدود البحرية، وحالَ دون نشوب حرب، هل ستبادر روسيا للبدء بمساع تهدف الى انهاء الحرب في اليمن وتسجّل بذلك نجاحاً سياسياً ودبلوماسياً؟

اليوم ، هنالك مصالح مشتركة وظروف متقاربة بين روسيا والمملكة؛ كلا البلديّن يعيشان حالة حرب، ولو بنسب متفاوته، حرب روسيا واوكرانيا وحرب المملكة واليمن، ولامريكا دور في كلتا الحربيّن ولها مصلحة في استمراريتهما، والدور الامريكي اكثر وضوحاً وعلناً في حالة الحرب في اوكرانيا. ومصلحة امريكا هي في بيع السلاح وفي اضعاف روسيا وجعل المملكة في حاجة مستدامة للسلاح وللحماية و للمشورة العسكريّة .

ولامريكا تاريخ في افتعال واستمرار الحروب في منطقتنا ، ومن بين شواهد التاريخ الحرب العراقية الايرانية، والتي كانت لمصلحة امريكا واسرائيل وساهمت في مديونيّة العراق وفي اضعاف قدرات كلا البلديّن، وجرّتْ المنطقة الى حروب أخرى .

 معايير امريكا في علاقاتها مع الدول ليس حريات الشعوب وحقوق الانسان  والديمقراطية، وانمّا شروط هيمنتها على العالم وامن وهيمنة اسرائيل على المنطقة، وكأن العقل المتحكم والمُدير لامريكا ولاسرائيل واحد!

لروسيا وللمملكة مصلحة اكثر من غيرهما في استقرار اسعار النفط في مستوى ربحي مقبول ومعقول وقادر على تمويل موازنتهما وهما في حالة حرب.

وهل لروسيا مصلحة وقدرّة فاعلة في التوسط لانهاء حرب اليمن؟

الجواب نعم.

مصلحة روسيا في ترسيخ دورها وتعزيز نفوذها في المنطقة، وخاصة بين دول مجلس التعاون الخليجي، والمملكة في مقدمة تلك الدول. مصلحة روسيا في أنْ تكون، امام انظار شعوب العالم والتي سئمتْ من مشاهد حرب اليمن، هي مَنْ أحلَّ السلام ووضعت نهاية الحرب . ستكتشف شعوب ونُخبْ العالم نفاق وزيف امريكا ، التي يفترض ان تكون قادرة على انهاء الحرب ، بحكم علاقتها الاستراتيجية مع المملكة وبحكم قدراتها ودورها و نفوذها في العالم وفي المنطقة .

 نعم .. لروسيا قدرة التوسّط الفاعل لانهاء حرب اليمن بحكم علاقاتها مع المملكة، والثقة التي تتعزّز يوما بعد يوم بين الامير ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس بوتين، وكلاهما يمتلكان قدرة التحدي  واتخاذ القرارات الصعبة. لروسيا علاقات استراتيجية مع ايران، وللجمهورية الاسلامية تأثير كبير على الحوثيين في اليمن.

ربما روسيا تمتلك معلومات وادّلة، تستطيع تقديمها للمملكة للبرهان على توّرط امريكا في ادامة حرب اليمن .

 التفاهم الروسي السعودي والتفاوض الايراني السعودي وتجربة الهدنة في حرب اليمن ،والتي نتمنى تجديدها او تمديدها ،جميعها ظروف مواتيّه ومناسبة في وضع نهاية حرب الرابح فيها تجاّر السلاح وتجاّر الموت واعداء العرب والمسلمين و الانسانيّة بقيمها و موروثها الاخلاقي .

    يدركُ ولي العهد و رئيس الوزراء محمد بن سلمان بأنَّه يتعامل ويواجه امريكا وهي في حالة “الرجل المريض” .

كُلُّ ما يُقال من تصريحات وتهديدات تجاه المملكة ماهو الاّ “جعجعة بدون طحين” . قد تفكّر به امريكا اللجوء الى استخدام وتوظيف جزء من ادواتها الخبيثة لالحاق الضرر في امن و استقرار المملكة ، ولكن ستفكّر امريكا ايضاً بأنَّ سلوكها هذا سيجعل المسافة بين المملكة وروسيا معدومة، وستفكّر امريكا ايضاً بأنَّ حالها اليوم ليس كحالها في الامس،  والمملكة العربية السعودية اليوم ليس كما هي في الامس.