حكومة أغلبية.


مخطئ من يظن أن الانتخابات ستفرز حكومة أغلبية بسهولة وستكون هناك ولادة متعسرة الحكومة القادمة التي ستواجه كثير التحديات الداخلية والخارجية ولن يكتب النجاح بسهولة فالتقاطعات وعدم امكانية الوصول إلى نقطة التقاء مابين مكونات البيت الشيعي والسني سوف يكون مصدر قلق دائم للعملية السياسية المترنحة ولن تتمكن اي حكومة تفرزها نتائج الانتخابات أن تواجه الواقع المتردي ولن تنجح في ايجاد حلول منطقية للأرث الكبير الذي خلفته فشل الحكومات السابقة ومشاكل العراق المتداخلة والمعقدة ستكون التحدي الأكبر للحكومة القادمة ولايخفى على الجميع أن القوى الدولية والإقليمية لن تسمح بعودة العراق قويا معافى وسيستمر العراق كساحة صراع بين مختلف المحاور  وسينعكس انسحاب امريكا من افغانستان والحرب الباردة بين الصين وامريكا وتنازع مناطق النفوذ بين امريكا وروسيا والصين وتركيا وايران على الواقع السياسي العراقي واحتمالية عودة الارهاب شيء وارد اذا ما حركته القوى التي لا تريد الخير للعراق وتريده ضعيفا مريضا منقسم 
وامكانية تشكيل حكومة أغلبية بسلاسة أمر مستحيل فالواقع السياسي يقول عكس ذلك  إلا إذا اتحد البيت الشيعي ولا عاقل يظن أن السيد الصدر والمالكي سيتحدان يوما ما فالعلاقات بينهم وصلت إلى القطيعة وإن نجحت الظروف في تقارب وجهات النظر بين العامري والصدر سابقا فلن يتكرر هذا التقارب إلا بقدرة قادر.
وكم نطمح كشعب أن يصبح برلماننا كبقية البرلمانات يفرز حكومة أغلبية ومعارضة تشكل حكومة ظل ولكن الطبقة السياسية لم تصل إلى هذا النضج بحيث تفقه أن النظام البرلماني مبني على هذا الأساس.
والخلاف بين السيد الصدر والمالكي سينعكس سلبا على أي حكومة تتشكل فالصدر الفائز بالقائمة الأكبر لا ينجح في تشكيل أغلبية إلا بالتحالف مع الحلبوسي والأكراد وكلنا يعلم أن الحلبوسي ربما ضمن رئاسة البرلمان لأن كلا الطرفين سيتعهدان له بمنحه المنصب ولكن الاشكال في الأكراد الذين سيقدمون للبرلمان وهم متوحدون ومسعود كلف زيباري للتفاوض مع الكتل الشيعية من أجل فرض الارادة على من يريد الفوز وهنا مربط الفرس فبالرغم من الحزبين الحاكمين والاحزاب الناشئة التي شقت طريقها بثبات واثبتت نجاحها ووجدت لها مساحة واسعة في التمثيل البرلماني سواء في برلمان العراق أو برلمان الأقليم والبيت الكردي سوف يظل في حالة ترقب لما تنتجه الخلافات الشيعية وسيكون مع من يجمع أكبر عددا من البرلمانيين الفائزين  ومن يقدم له تنازلات أكثر.
ولذلك أنا متيقن أن الكتلة الصدرية التي فازت بالتصويت اذا ما اخفقت في تشكيل الكتلة الأكبر فلا خيار لها إلا باللجوء للمعارضة وهنا سيكون البرلمان العراقي برلمانا ناجحا وستكون الحكومة المنتخبة مراقبة مراقبة تامة من قبل المعارضة والأمر نفسه اذا ما وصلت حكومة السيد الصدر فالمالكي سيشكل جبهة معارضة ولكن السؤال الذي يجب أن نبحث فيه من سيكون المتضرر الأكبر؟!
أعتقد أن البيت الشيعي المتهاوي سيتلقى ضربة كبيرة فحجم الخلافات سيكون من الصعب ردمه إضافة إلى أن هذه الخلافات ربما ستؤثر في القرار السياسي على المستوى الداخلي والخارجي لذلك أرى أن هذه الدورة هي الاصعب لمن يريد أن يتصدي للمسؤلية فعليه أن يرضي الشركاء ويعمل كي لا يقع فريسة الرقيب ولكن هل وصلت المنظومة السياسية إلى هذا النضج بحيث تتقن العمل البرلماني؟!
هل ستستفيد المنظومة  السياسية من عزوف الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم يوم الانتخابات وهل سيؤثر ارتفاع سعر برميل النفط على الواقع المعيشي للعراقيين هل ستنجح الحكومة في إعادة سعر الصرف وتجد حلولا للأزمات والملفات والمعضلات التي تواجه العراق هل سيشهد الواقع العراقي تحسنا ملحوظا أم سيكون الفشل حليف الحكومة التي ستكون ولادتها متعسرة وهل ستكون هناك مفاجئة تقلب كل التوقعات في توحيد البيت الشيعي وانهاء الخلاف مابين الاخوة المتخاصمين؟!
كل شيء وارد في السياسة وكل شيء ممكن ونحن ننتظر بفارغ الصبر ما ستفرزه هذه الانتخابات من نتائج والأيام حبلى بالمفاجآت.
ومع كل ما تقدم أعتقد أن الفاعل الخارجي سيكون مؤثرا على الحكومة القادمة فإيران تريد وصول حكومة تقرر اخراج الامريكان من العراق بينما ستعمل امريكا وكل الحلفاء في الداخل والخارج على العمل على تحجيم الدور الايراني في العراق وضم الحشد الشعبي إلى المنظومة الامنية واستمرار بقاء القوات الأمريكية والتمهيد للتطبيع مع الكيان الصهيوني.