اذا لم ينتفض الشعب اللبناني كله لكلام السيد، حينها يحق للدول ان تعلن ان لبنان كونتونات، ليس وطن.


لا اريد ان اتكلم عن خطاب السيد بالبعد السياسي والدولي، او ما يعرف بالمصطلح الاستراتيجي، فالسيد منذ عقود يتحدث ودائما كان خطابه الشغل الشاغل للدول الكبرى، اضافة الى الاقليم والداخل.

انا اريد ان اتكلم عن نقطة جعلتني كل الليل مستيقظا، بعد كلمة السيد انه مستعدا ان يجلب الفيول لانارة لبنان مجانا من ايران، اصبحت اتفحص الواتس اب كل دقيقة وانا اقول الآن ستغص الشوارع بالفقراء والمساكين الذين يسكنون الظلام ومحرومين النوم من قيظ الحر فلا مكيف ولا حتى مروحة، انتظرت وانتظرت لكن لم يحصل شيء، لم أسمع عن مظاهرة كبرى هنا او هتافات هناك، او موجة فرح وامل انه من المحتمل ان يصبح في منازلنا كهربا وان كان لوقت معين لكن اشعال شمعة خير الف مرة من لعن الظلام.

لاسف لم يحدث شيء، غلبني النعاس وانا اغفو على امل ان استيقظ صباحا فاجد الشعب يطالب الحكومة اللبنانية، بأن تقر بانها تقبل الهبة التي قدمها ابن لبنان الى اهله الشعب اللبناني، وايضا حتى التوقيت لم يتحرك احد.

لا أعرف ماذا اقول ولا استطيع ان اصف واوصف حالة النيرفانا التي وصلنا اليها نحن الشعب اللبناني، فالزعيم الذي يضيء حتى منزل كلبه لن يشعر بالفقراء من الشعب وهم يقتعطون ثمن تكلفة فاتورة اشتراك الكهرباء من لحمهم الحي، وعلى حساب بسمة اطفالهم.

لا اريد ان اتكلم عن اصحاب المنتجعات والمطاعم الكبرى وشركات الخدمات التي ربما لم تتاثر كثيرا بفواتير الاشتراك، لكن اريد ان اتكلم عن اصحاب المعامل والمصالح الصغيرة، التي تلتهم فاتورة اشتراك الكهرباء تعبهم وكد يمنيهم وعرق جبينهم، الذين لم يتحركوا في الساحات، من اجل الضغط للمسارعة بالموافقة على قبول الهبة التي تحدث عنها السيد، والتي تعزز انتاجهم وتوفر بعض القروش مما تساعدهم به صحتهم.

انا اريد ان اسال حتى اتباع الاحزاب والطائفيين، انه ربما لا تتفقون كثيرا مع بعض مكون الشعب اللبناني فيما يتعلق بالسياسة وحقوق الطوائف، او لا تقبلون المس بزعيمكم، وهذا حقكم، لكن انقطاع وازمة الكهرباء تعاني منها كل الطوائف والمذاهب، وان كنتم تخشون انه بحال وصل الفيول، ان يظهر زعيمكم انه يستغلكم ولا يهتم لا بكم ولا بالوطن، انا مستعد ان احصل لكم على تعهد بان يقال ان هذا الفيول هو تقدمة زعيمكم، المهم ان يشعر الشعب اللبناني بالقليل من الضوء كي يخرج من هذا النفق المظلم، فان نخفف الظلام وننير المنازل والطرقات يعني اننا نخفف من عذابات الشعب اللبناني ونقلل الحوادث على الطرقات، وهذا الامر لا علاقة له لا بالسياسة ولا بالصراع الطائفي، لماذا لا نلتقي جميعا من اجل الضغط على طبقة سياسية تعيش اكثر من نصف وقتها خارج لبنان، والتي تعيش في لبنان لديها القدرة على تأمين كافة متطلبات الراحة والرفاهية.

وايضا الى السياديون الجدد والفنيقيين التقليديين وجماعة ما بيشبهونا، والبوي فرند تبع ممنوع التوجه شرقا، لان الفرنكفوني والامركاني بيزعلوا منا، هل من الممكن ان تخبرونني لماذا تعارضون ان يصل الفيول الى لبنان اقله كي نتجاوز هذا الحر، ام انه بحال وصل الفيول الايراني ستتغير قناة التلفزيون لديكم، ويصبح المايكرويف ينتج الزعفران، والمكيف ينشد سلام فرمانده، واذا كانت السيادة تنتقص بوصول الفيول الايراني، الا تنتقص السيادة عندما تقوم امريكا بقطع الكهرباء ومنع وصول المحرقات الى لبنان، اقله كما هي وعدت، او ان الهدف هو تهجير الشعب اللبناني، او يكفر بالوطن والمواطنة وهو يعاني الامرين في نهاره بسبب ارتفاع اسعار المحروقات مما يجعله يركب حذائه ليقطع فيه الكيلو مترات ذهاب وايابا الى عمله، وليله الذي يقضيه وهو نصف عار من ثيابه وفي يده كرتونة تهلك معصمه وهو يهوي، السيادة ايها السياديويون ان يكون هناك كهرباء وماء وطبابة ودواء.

بالختام فهمنا ان غالبية الشعب لم يتحرك وينتفض لاستعادة ودائعه، وايضا فهمنا ان غالبية الشعب يتحرك غرائزيا وطائفيا، ولكن بحال لم يتحرك الشعب اقله من اجل تأمين الكهرباء وهي بالمجان وهو بامس الحاجة لها اعتقد حينها اننا نستطيع ان نعلن وفاة لبنان، فان تصل العصبية والمذهبية والتبعية الى مكان يقبل احدهم ان يموت من اجل ان يموت اخاه بالمواطنة فقط حقدا، يعني اننا وصلنا الى نقطة الا عودة.

فالسيد قال انا مستعدا ان اتي بالفيول بالمجان من ايران شرط ان توافق الحكومة اللبنانية على الهبة، وهذا الامر لا يتعارض لا سياسيا ولا سياديا، فالكهرباء عند تصل ستنار كل المنازل والمستشفيات وافران المخابز، فالكهرباء لا تعرف الطوائف، ولا تسير في الاسلاك حسب رغبات الزعماء، ان نطالب بوصول الفيول لا يتعارض مع اي منطق او عرف سائد منذ نشوء الامم.