حزبُ الله يُصَدِّعُ إسرائيل من الداخل رويداً روَيداً


لقدأثبتَ أنّهُ الحزب الأذكَى، في إدارة الحروب النفسية والإعلامية، وكانَ المتفوّق بإدارتها عملياً.
"المُقاوَمَة" الإسلامية في لبنان...
القُوَّة الصاعدة في المشرِق العربي، ألقَت بظلالها على الإقليم بكامله، وأصبَحت الرقم الصعب، فهي ترسم المعادلات، وتتسبب بخلط الأوراق الأميركية الصهيونية، التي كانت ترتكز على الطوق العربي الإعلامي الهَشّ المعادي للكيان الصهيوني إعلامياً فقط،بينما يُنَسِقُ معه سراً ومن تحت الطاولة، بإستثناء سوريا الأسد. 

تَمَيَّز "حزبُ" "الله" بأدائهِ المُلفِت،أثناء إدارته كافة مراحل الصراع الحقيقي بينهُ وبين الكيان الصهيوني الغاصب، منذ حَقَبَة جتياح لبنان عام ١٩٨٢ حتى اليوم،حيث تَقَلَّبَت ظروفهُ بين الحروب العسكرية، والِاستخبارية، والإعلامية، والنفسية.
السيد حسن نصرالله أمين عام الحزب، كانَ السلاح الأكثر فتكاً بهذا العدو، حيث شَكَّلَ رأس حَربَة سلاح الحرب النفسية ضد قادة الكيان،بعدما فضَحَ أكَاذِيبهم ونفاقهم وأضاليلهم على شعبهِم، وأثبَتَ ذلك بالأدِلَّة القاطعة والبراهين، في عدَة مناسبات وفي الكثير من الإطلالات الإعلامية،التي تُعنىَ بالصراع الحقيقي بينه وبين الصهاينة،فأثبَت سيد المقاوَمَة صدقيتهُ وأحقيّة وُجهَة نظرهِ السياسية، وأبرزَ قدراتهِ ونواياهُ بشكلٍ واضحٍ وجَلي وصريح، من دون مواربَة، كما أثبت أنّ قوله مقرونٌ بفعلهِ، وأنّ تهديداتهِ ليست فقاقيع صابون تتطاير في الهواء وتتلاشىَ.
لقد بات كلام السيد نصرالله ثابته هامَّة لدىَ المجتمع اليهودي،  لا يُصَدقون غيره، وأصبح شخصية كل عام الفريدة التي تتألَّق،ونجم الشاشات الساطع،ولا زال، لما يقارب الثلاثين عاماً.

يمتلك الحزب جهازاً أمنياً استطلاعياً ذكياً، متطوراً ومقتدِراً، يعمل على جمع المعلومات وتحليلها وتفكيك شيفراتها السرية،ويعمَل على فهم عمل منظومة الِاستخبارات الإسرائيلية، وطريقة تفكيرها وطبيعة عملها، ويُطَوِّر الأفكار الملائمة ضدّها بُغيَة التصدي لها، بلا استراحةٍ ولا كَلَلٍ أو مَلَل.

بعض الوحدات المختصة بحزب الله تبحثُ ليل نهار عن الثغرات الأمنية والِاجتماعية والِاقتصادية والتكنولوجية للعدو، وتخترقها بقدراتها التقنية المتنوِّعة،لتستفيد منها في تطوير شبكة أمان الحزب، في الحرب والسلم، حتى وصَل الأمر إلى اختراق منظومة أمن الكيان عدة مرات، إنكشفَ بعضاً منها والبعض الآخر ظلّ مجهولاً لدى الصهاينة،فيما يتجنّب قادة المقاومة الوقوع بفخ الِانجرار الى أسلوب التباهي بالإنجازات التي حققوها، كما يفعل العدو، لكي لا يفقد العملاء الثقة بمنظومة الحزب الأمنية، التي تُشَغِّلُهُم فتتراجع خطوة إلى الوراء.
أعطَى حزب الله للداخل الفلسطيني ما يكفي، من حقه في الِاهتمام، على صعيد الجبهتين الداخلية الفلسطينية، والإسرائيلية على حدٍ سواء، فعمِلَ على مساعدة الجانب الفلسطيني ومَدِّ يَدِ العون والمساعدة له،من خلال التوجيه والدعم اللوجستي وتقديم المَشورة، 
الذي توزَعَ بين غزة والضفة وأراضي (أل ٤٨)، من أجل تنظيم الصفوف ورصِّها، وتهيئَة الأرض لما يشبه ما حصل أثناء معركة سيف القدس، في عكا وأُم الفحم وبئر السبع، وغيرها.

أما على الجانب الصهيوني، فإن فوبيا حزب الله الوجودية أصبحت مغروسة في نفوس الصهاينة، من خلال تصريحات قادة الحزب وأمينه العام، الذي باتَ يؤرِّق ليلهم ويُقِضُّ مضاجعهم، وهم لا يستطيعون إلٍَا تصديقهُ، بحيث تكَوَّنَت لدى المستوطنين قناعةٌ حتميةٌ بزوال الكيان الذي يؤويهم، وبأنهم أصبحوا أهدافاً سهلة، ذا لم يبادروا إلى مغادرة أرض فلسطين.

المقاومة الإسلامية التي زرعت الرعب في قلوب المستوطنين، وأثبتت حنكتها وقوتها وبطولة رجالها، خلال شهرَي تموز وآب ٢٠٠٦، ازدادت قوّةً وحِنكَةً  خلال سنوات الحرب السورية العشر ،
وازدادت مِنعَةً و قوّة إرادة وصلابة، وأصبحت أكثر خبرة مما مضىَ، إذ راكمت الخبرات، وزاد عديدُ مجاهديها المدرَّبين والمجهزين الذين ينتظرون إشارةً من أصبع الأمين العام، لحسم الأمر في شمال فلسطين.

القادة الصهاينة يدركون حجم الخطر الداهم على مستقبل كيانهم من الشمال الفلسطيني، ويدركون حجم نجاحات حزب الله على مستوَى الداخل الفلسطيني، في أراضي ال٤٨، لناحية رفع المعنويات وشحذ الهمم والطاقات، من أجل مواجهة الِاحتلال، 
حتى إنّهم أصبحوا على قناعة بأن مناطقَ ومُدُن الضفةِ الغربيةِ لا بُد إلَّا وانها ستشتعلُ يوماً ما، وستنهار سلطة محمودعباس المُطَبِعة والمتعاونَة معها، ولن يكون أمام تل أبيب إلَّا مواجهة واقع خطوط تماس جديدة، على مقربَة من رِقاب بنيامين نتانياهو ونفتالي بينيت، وغيرهما من القادة الصهاينة،وأنّ ما تُسمَّىَ أرض ال٤٨، وبحُكم البروز الواضح لِازدياد أعداد العرب المسلمين وتمكن حزب الله من نشر الكراهية ضد اليهود الصهاينة، المترافقة مع رفع معنويات الشباب الفلسطيني،تسببت خلال معركة سيف القدس، بقلب المعادلات في الداخل، وأجبرت الشرطة والجيش الإسرائيليين على إخلاء بعض المدن من المستوطنين، لتصبح محررة بالكامل، وسط انتشار فلسطيني مسلح وعلني في الشوارع. 

وهذا الأمر يهدد أمن الكيان القومي والإستراتيجي،حتىَ إنّ كبار قادة الجيش  الصهيوني أدركوا مؤخراً، أن السيد نصر الله نجَحَ في الحرب النفسية على حكومة إسرائيل وشعبها، واستطاع تأخير، أو منع حصول حرب كانت قابَ قوسين أو أدنَىَ، من خلال إطلالاتهِ واستغلال نقاط الضعف النفسيةلديهم حيث نجح بإخافتهم ترددهم في  الكثير من الأحيان، وضمن النصر عليهم. 
وكان، كلما اعتبرت إسرائيل نفسها جاهزة  للحرب مع لبنان، يخرج إليهم السيد نصرالله بخطاب يكشف فيه بعض جوانب قوته المخفية،فتُصاب تل أبيب بصدمة، وتبدأ بالتحضير لمستوىً أعلى من المواجهة، فلا يلبث أبو هادي أن يخرج عليهم مرة أخرى، ويرعبهم مجدداً، وهكذا دواليك.

إذاً نَجَحَ حزب الله في مُجمل حروبهِ ضد العدو وحلفائه، وأدار المعركة بقوةٍ وحنكة وذكاء، على كل المستويات، وهاهو اليوم يتحين الفُرَص للِانقضاض على هذا الكيان المتشقق الوهِن، وإزالته عن صدر فلسطين، من البحر إلى النهر.