الرياضة (كرة القدم) والجوانب الجيوسياسية ..


لطالما كرة القدم ، هي الأكثر نشاطا رياضيا، وأوسع الجماهير في الكرة الأرضية ،فهي لم تعد مجرد ممارسة هواية رياضية ، وإنما هي تصنف من مرتبات الأنشطة التي تقوم بصناعة احترافية ربحية لها وزن في فلك السوق الاقتصاد  العالمي، غير أنها أيضا حالة اجتماعية ، تعكس جوانبها السيكولوجية المجتمع ذات الإنغلاق القومي او ما شابه إن صح التعبير  ، ولكن بعد أن دخلت نطاق السياسة وبشكل مبرمج منها السلبي ومنها الإيجابي ولكن بحسب طبيعة الظروف السياسية التي غالبا ما تكون ساخنة لأي دولة ما ، فعلى سبيل الإيجابيات ومن الناحية الجيوسياسة الرياضة ، لقد باتت كرة القدم أرضية جديدة للمواجهة السلمية التي تنظمها الدول ، كطريقة تبدي بها تسليط الضوء على علم دولة ما وإبرازها على الخارطة العالمية ، لفرض وجودها على الجميع ،في حال وأدت العولمة الهويات الوطنية ، لتصبح بذلك الرياضة أكثر فعالية لتعزيز لحمة الأمة حول مشروع مشترك ، ولنا ردة فعل من الدول العربية التي تظهر اليوم تضامنها العربي في كأس العالم بالدوحة ، ولا تظهره في كأس القضية التي هي جزء لا يتجزأ من المونديال السياسي والرياضي متناسيين لحمة التضامن العربي حتى في الجامعة العربية تحت عنوان لم الشمل  ، وما شاهدناه جميعا كان رائعا حول هذا التضامن ، فهل سيكتمل المشهدية بتضامن عربي حقيقي يجمع هذة اللحمة لتلتف حول قضية الأم بين قوسين القضية المركزية في الوطن العربي ؟ لتحقق بذلك فوز حقيقي ؟

أما من الناحية السلبية ..

غالبا  يتم استخدام  كرة القدم كنافذة عند الولايات المتحدة الأمريكية وأجنداتها وبعض الدول ، يمكن من خلالها متابعة التطورات السياسية والاقتصادية والإجتماعية ، لتعزيز صورتها الخاصة بهدف قد.يكون الإنتباه ،  لطالما حظيت كرة القدم على وجه الخصوص بالاهتمام الكبير من قبل الدول والشعوب، سواء تلك التي تبحث عن نفوذ رياضي  يدعم نفوذها الاقتصادي والسياسي ، أو الأخرى التي تبحث عن تميز دبلوماسي أو غيره من النافذة الرياضية ، يضمن لها إثبات وجود ، تكسب أهمية كبرى بأبعاد أخرى تقارب المجال السياسي ، على سبيل المثال ، التضامن العربي والعالمي الذي أثار قضية مباراة تونس والعقوبات التي سلطت على المغرب بدور تلبية المنافساة  ، أيضا نستذكر هنا قطر التي تسببت في أزمة شهدتها اتحاد ألعاب القوى المصري وهروب اللاعب انذاك معاذ محمد صابر إلى الدوحة ، للتجنيس واللعب ، وهذا كان له مرجع وجوانب ، وبالتالي صراعات الدول تنتقل إلى المجال الرياضي في كثير من الأوقات تتسبب الرياضة في توتير العلاقات بين الدول، كما أنها تزيد في بعض الأحيان من درجة التصعيد ، التي تتسبب فيها الخلافات السياسية ، كما هو حال المنطقة ، ومثال على ما ذكرناه ، بين مصر وقطر كانت الرياضة سببا في زيادة الحدة خاصةمع محاولات كانت متكررة لقطر منح عدد من الرياضيين المصريين الجنسية القطرية ، منذ سنوات قامت قطر بمنح الجنسية إلى عدد من الرياضيين المصريين خاصة في رياضة رفع الأثقال ،حتى توصل الأمر مع محاولة بعض الدول الأوروبية تجنيس بعض الرياضيين ، وأيضا اسرائيل قامت بتجنيس عدد من الرياضيين ومن بينهم لاعبين كرة القدم ، إذا يمكن لأي دولة وقد تكون منها قطر التي تبدي اليوم اهتماما كبيرا بالرياضة وبشكل استراتيجي ، لتعزيز قوتها الناعمة في مجال كرة القدم ،وقد اعتبر البعض هذة الخطوة ذكية ، ولكن هنا استرجع البحث الذي حمل عنوان جيوسياسة الرياضة ، في سياق الجيوسياسي العالمي ، الفرنسي باسكال بونيفاس مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية ، والذي نشر العديد من الأبحاث حول تأثير الرياضة على العلاقات الدولية ، حيث أشار أبرز الباحثين عن أن الرياضة أصبحت عاملا جيوسياسيا هاما ، وعنصرا أسياسيا من عناصر إشعاع الدول ونفوذها ، وهذا النفوذ الذي يتحدث عنه بونيفاس مغايير للنفوذ ، طبعا الجميع يخشى الولايات المتحدة سياسيا واقتصاديا ،ولكن لا أحد يخشاها في كرة القدم التي لا يسيطر عليها الأميريكيون ، وأعتقد هناك كتاب لبونيفاس بعنوان "كرة القدم والعولمة.. 

وفي الختام كما قال الراحل نيلسون مانديلا أن كرة القدم الأكثر نشاطا وتوحيدا للجموع ، بينما يقول بونيفاس أن كرة القدم هي الاستثناء الأجمل في ظاهرة العولمة، ومن هنا انطلقت الأبحاث التوعوية كي تتفادى الشعوب العربية والاسلامية مخاطرها ، وهناك أمثلة كثيرة على توجيه الرغبات السياسية من خلال كرة القدم ، لما هناك من عبر في دروس التاريخ مثال حرب الهندوس والسلفادوريين ، انطلاقا من تلك وغيره تم تسيس الرياضة على غرار استغلالها وإلى ماهناك ...