هل تُعقَد القمّة العربيّة القادمة في سورية ؟!..


بادئ ذي بدءٍ يمكننا أن نتساءل : 
هل ستُنقَل القمّة العربيّة القادمة من الجزائر لدمشق ؟ ، وهل كان ذلك مطلباً سوريّاً للعودة إلى الجامعة العربيّة ؟ وماذا طلبت سورية من دول الخليج وخصوصاً من المملكة العربيّة السّعوديّة لعودة العلاقات الدّبلوماسيّة بين البلدين ؟!، وما النّتائج المتوقّعة من عودة العلاقات ؟.
لعلّ الزّيارات التي تمّت لسورية من بعض دول الخليج ، والتي ستتلوها زيارات أخرى قادمة سينتج عنها _ بلا ريب _ عودة العلاقات الدّبلوماسيّة بين الجمهوريّة العربيّة السّوريّة وتلك الدّول ، ولاحظنا أبعاد الزّيارة الأخيرة التي قام بها الوفد السّعوديّ برئاسة الفريق خالد الحميدان رئيس المخابرات السّعوديّة لسورية ، واستقبال السّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد ذلك الوفد ، وحضره من الجانب السّوريّ أيضاً سيادة اللواء علي مملوك ، وربّما تبعتها زيارة أخرى من وفد سوريّ للمملكة لم يُعلَن عنها ، وستتوالى تلك الزّيارات بغية تحسين الأجواء العربيّة ، والتي بدأت إبّان التّناعم الأمريكيّ الإيرانيّ من أجل الاتّفاق النّوويّ الإيرانيّ ، ذلك الاتّفاق الذي سيبصر النّور مجدَّداً قريباً ، وكذلك في ضوء التّناغم السّعوديّ الإيرانيّ ، والتّصريحات السّعوديّة حول إيران وتخفيف حدّة تلك التّصريحات ، والتي كان منها ما جاء على لسان ولي العهد السّعوديّ محمّد بن سلمان يوم الثّلاثاء في السّابع والعشرين من شهر أبريل / نيسان الماضي : 
إنّ إيران دولة جارة ، ونطمح أن تكون لدينا علاقة مميّزة معها ، لا نريد أن يكون وضع إيران صعباً ، بل على العكس نريدها أن تكون مزدهرة وتنمو " .  
ولعلّنا نتساءل : 
ماذا طلبت سورية من المملكة العربيّة السّعوديّة لترتيب إعادة العلاقات بينهما أثناء تلك الزّيارة ؟، ومن المعلوم أنّ السّعوديّة وقطر كانتا السّبب الأساسيّ من وجهة نظر سوريّة في الأزمة التي عصفت فيها ، فهل ستدفع السّعوديّة الجزء الأكبر من إعادة الإعمار لسورية ؟ ، وماذا عن الدّماء التي أُريقت في سورية ؟، فمن يتحمّل تبعاتها وتداعياتها ؟، وهل ستدفع المملكة ما يمكن أن نسمّيه تعويضاً عن ذلك لتقدّمه سورية لاحقاً لأُسرِ أولئك الشّهداء كما كانت الحال في ثمانينيّات القرن الماضي ؟!، وهل طالبت سورية بأن تكون القمّة العربيّة فوق أراضيها بعد نقلها من الجزائر ؟!. 
أرى أنّ القمّة العربيّة القادمة ستكون قمّة سوريّة بامتياز ، ولعلّي لا أستبعد أن تكون تلك القمّة فوق أراضي الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ، رغم أنّ سورية بحاجة إلى العودة للحضن العربيّ ، وإن تآمرَ  عليها ، لكن لابدّ من ذلك من أجل ترتيب إنهاء الأزمة فيها ، والقيادة السّوريّة ممثَّلة بالسّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد تسعى لكلّ ما من شأنه عودة الأمن والاستقرار والسّلام لربوع سورية وشعبها ، وتشكّل تلك العودةُ عودةً لمكانة سورية عربيّاً ودوْليّاً لتحقيق التّعاون الإقليميّ وتعاون الجمهوريّة العربيّة السّوريّة  مع محيطها لمزيد من التّرتيبات الأمنيّة أيضاً في العراق وغيره ، ومن الطّبيعيّ أن تتمّ عودة العلاقات العربيّة معها بعد رفع الحظر المفروض على الدّول العربيّة للانفتاح نحو سورية . 
كما أرى أنّ تلك العودة يمكن أن تدفع لتحقيق السّلام عموماً في المنطقة ، وربّما تكون دول الخليج وخصوصاً الإمارات العربيّة المتّحدة وسيطاً بين سورية وإسرائيل بدعمٍ أمريكي روسيّ ، ومن المعلوم أنّ موقف سورية من التّطبيع بين كلّ من الإمارات والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة ثانية كان هادئاً وبراغماتيّاً ، وقد تناولتُ في مقالات سابقة اتّفاقية السّلام المتوقّع أن يتمّ إبرامها بين سورية وإسرائيل فوق الأراضي الإماراتيّة في ( الوكالة العربيّة للأخبار ) وغيرها في يوم الإثنين السّابع من شهر كانون الأوّل من العام الماضي ، ذلك السّلام الذي يستند للقرارات الدّوليّة ذات الصّلة ، وفق مبدأ الأرض مقابل السّلام وعودة الجولان العربيّ السّوريّ إلى حضن وطنه الأمّ ، وهذا ما يعيد كامل الجغرافية السّوريّة لربوع الوطن ، ويكون سبباً لخروج القوّات الأجنبيّة من الأراضي السّوريّة ، ويحقّق بالتّالي وحدة سورية واستقرارها وأمنها وسلامها ، وربّما لا أكون مغالياً إذا قلت : 
إنّ المنطقة العربيّة مقبلة على المزيد من اتّفاقيات السّلام بين العرب وإسرائيل ، كما أنّ سورية قد تكون وسيطاً بين دول الخليج وإيران ، وربّما نشهد وساطة عربيّة سوريّة بين الإمارات العربيّة المتّحدة وإيران ليكون ذلك ضمن الأهداف البعيدة المدى للإمارات لاستعادة الجزر ( أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصّغرى ) ، وهذا ما أشرت إليه أيضاً في مقال سابق منشور في ( الوكالة العربيّة للأخبار ) بتاريخ يوم الإثنين الحادي والعشرين من شهر كانون الثّاني من العام الماضي .
ولعلّ تلك العودة للجامعة العربيّة عبر البوابة السّعوديّة ستعيد رسم السّياسات نحو سورية ، وستلقى دعماً عربيّاً مطلقاً ، وسيكون لها تأثيرها الاقتصاديّ في المنطقة لتوفير التّكامل الاقتصاديّ والاستثمارات بين دول المنطقة ، وهذا له تداعياته وأهمّيّته في سورية ، وأعتقد جازما أن سورية قد طلبت في اللقاء عدم تكليف الحريري في تشكيل حكومة لبنانيّة فلننتظر قادم الأيّام وما تحمله من مفاجآت ولا أستبعد قراراً عربيّاً بنقل مكان انعقاد القمّة العربيّة من الجزائر لدمشق .  

بقلم الباحث والمحلّل السّيّاسيّ :
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية