هل ستستبق إسرائيل الكارثة وتحمي نفسها بحل الدولتين؟


راهنَت على مَر السنين لتذويب الفلسطينيين في مجتمعات الشتات، فازداد التعلُق الفلسطيني بحق العودة أكثر، إنَ مفاتيح الدور الفلسطينية لا زالت موجودة في منازل الشتات تتوارثها الأجيال، رغم أن قفل ذاك الباب كسره المُحتَل وهدم المنزل، وربما قد بَنَىَ على أنقاضهِ مستعمرة،
لكن ذاك الباب لَم يَغِب عن مُخَيلة الفلسطيني التوَّاق للعودة إلى تلك الدار ولو على أنقاضها ولكي لا ينساه تحول الى لوحة جدارية يراهُ كل فلسطيني يمُر قرب ذاك الجدار.
[إسرائيل هذه حاولت جاهدة أن تنسف كل مفردات الحوار الفلسطيني معها،
كما حاولت دائماََ المراوغة والتملص من حبر تواقيعها على مدى ثلاثون عام، ولكنها لم تكُن متَنَبِهة إلى أن جيلاََ مُقاوماََ عنيداََ ينشئُ ويترعرع ويسير إلى جانب تلك المفاوضات على أطراف فلسطين وداخلها بصمتٍ وهدوء كبيرين حتى بلغ أشدَّهُ وعلا صوت رصاصهُ داخل وخارج فلسطين المحتلة وفي كل مكان صنعت له تل أبيب عدواََ مفترضاََ لإلهائه.
هناك كان الصهيوني يماطل ويراوح مكانه لربح سنينٍ يعتقد أنه ربما تموت فيها فلسطين من الذاكرة لكنها كانتزسوءُ تقديرٍ من العدو غدرهُ حيث تحولت الأمور وذهبت لغير صالحهِ قطعاََ،
فأستفاقَ متأخراََ متخبطاََ وأسرع مهرولاََ نحو عواصم العالم علَّهُ يستطيع الحصول على قوارب نجاة لِمَن ستسبقه صواريخ المقاومة لكي ينجو بنفسه قبل فوات الأوان؟
[تل أبيب المتخبطة والخائفة والقلقة على مستقبل كيانها الوجودي خذلها التقارب العربي معها والتطبيع الفاشل! وتأكدت أنها كانت تظن أنها ستأخذ منه الدعم والحماية والعمق الإستراتيجي، ولكن تبيَّن لها أنهم هُم مَن يطلبون منها الدعم والحماية الإستراتيجية وليسَ العكس، 
فكانت الصدمة كبيرة على قادة الكيان لأن (المَيتْ لا يحملُ مَيتْ)؟
بدورها إيران الإسلام على رأس محورها تزداد قُوَّة وعُلُواََ ورِفعَة،
واليمَن السعيد يهزُ عرش آل سعود ويمسك بأرض المعركة وسمائها وبمصير المضيق الإستراتيجي المُطِل على العالم،
العراق الحبيب لا زال مجاهدوه فيه يثبتون أقدامهم في الأرض ويقولون نحنُ هنا لن نتزحزح مهما عَظَمَت المؤامرات وكَبُرَت التحديات،
إما دمشق انتصرت وتتهيء لإستقبال إدلب وشرق الفرات،
بينما حزب الله في لبنان يقفُ على تماسٍ مع أرض فلسطين بوجه جيش بني صهيون المحتل ينتظرُ إشارة إصبعٍ من قائدٍ عظيم وعدَ وتَوَعَّدَ بدخول الجليل ولن يخذلها.

إذاََ إسرائيل التي كانت تُحيط العالم العربي بالرُعب، أصبحت مرعوبة وهيَ المُحاطة بصواريخ الرعب، وبجحافل الرجال المتهيئين المتشوقين لإقتلاع نظامها وكيانها من الجذور.
مع إختلاف المشهد السياسي والأمني والعسكري، ومع ترَسُخ قناعة كبيرة لدى قادة العدو بأن الزوال قادم لا محال إستنفرت تل أبيب دبلوماسيتها وبدأت تخطو أولى خطواتها نحو تسويق الإنسحاب من الضفة وحل الدولتين الذي أصبحت تعتبره فرصتها الأخيرة لإبعاد شبح صفة الإحتلال عنها والزوال،
ولكن هناك أمرٌ آخر هُوَ غزة العِزَة البحصة الأخيرة العالقة في حلق قادة الكيان الذين عجزوا عن تطويعها وضمها الى حظيرة منظمة التحرير أو كسر هيبتها، فماذا سيفعل قادة العدو حيال المقاومة فيها وتنامي قدراتها الصاروخية وقوتها العسكرية في الرجال والعتاد والخبرات في ظل تراجع إسرائيلي كبير وتآكل قدرة الردع مقابل القطاع.
الأميركي المنسحب عنوَةََ من أفغانستان والمقتول في سوريا والعراق والمهزوم في اليمن يُلَملِم أشلاء جنوده من قاعدة التنَف، مُحاولاََ التعمية على ما حصل والتغطية والكتمان على خسائرهِ لعدم إضطراره توريط نفسه في الرد فيلقى رَداََ أعظم وأكبر، لذلك هوَ ذاهبٌ نحو ترتيب ملفاتهِ وحفظ ما تَبقَّى من ماء وجههِ والرحيل عن المنطقة، لكنه يحاول استباق الإنسحاب بتوقيع اتفاق العودة الإيرانية الى الملف النووي قبل حصول ذلك، لمعرفته المسبقَة بما سيترتب على هذا الإنسحاب من دون عودة ايران للإلتزام بهِ.
إذاََ هنا سؤال فرَضَ نفسه وهوَ : هل ستتخلَّى أميركا ولو جزئياََ عن إسرائيل وستلاقي تل أبيب  نفس مصير المملكة السعودية؟
سؤال بديهي يطرح نفسه لا شك فيه.
لأن إسرائيل وعلى مدى سبعين عام من الدعم الأميركي الغربي لها ودفع مئات مليارات الدولارات لم تستطِع فرض واقع آمن لمصلحتها، لكنها وبالعكس من ذلك بسبب مراوغتها ونكثها للعهود والإتفاقيات وتماديها في الإجرام وإتكالها على الدعم الغربي، خلقت لنفسها اعداءََ جُدُد أصلب وأشرس وأكثر تصميماََ من كل الذين قاتلوها من ذي قبل، ومع أن الولايات المتحدة الأميركية قد نزلت بنفسها الى الساحة العربية مُدَعمَة بجيوش دُوَل الإتحاد الأوروبي وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا، لم تستطِع تحقيق أي استقرار أو إركاع ايران او حلفاؤها في المنطقة، فعاودت وبدأت بالإنسحاب عِوضاََ عن فرض سيطرتها وسطوتها وها هيَ اليوم تخسر البلدان العربية الواحدة تلو الأخرى وخاصةََ الذين راهنوا عليها وحرضتهم على الجمهورية الإسلامية الإيرانية فعاودوا بأنفسهم المبادرة الى الاتصال بها والتواصل مع قادتها لوضع حلول للأزمات التي اغرقتهم بها أمريكا واسرائيل.
حَل الدولتين الذي تسعى له إسرائيل جاهدة هذه الأيام، فاتَه الزمن الجميل وعليها ان تفكر كيف ترحل مع مستوطنيها بسلام عن ارض فلسطين قبل أن يسبق فيها السيف العزَل ولا يعود امامها اي خيار سوى الغرق في مياه البحر، ونحن لا نرغب في ذلك حفاظاََ على البيئة والثروة السمكية الفلسطينية التي ستتلوث بتحلُل جثثهم العَفِنَة لعنهم الله.