ألأمم المُتحدة والعراق: مواقف وأخطاء.. وآخرُها ملف الانتخابات


مُلزمة التطبيق و صادرة عن مجلس الأمن.
الانتخابات العراقية المذكورة شاهدٌ جديد ايضاً على سلسة اخطاء قانونية و سياسية ارتكبتها حكومات العراق التي توالت على الحكم والسلطة بعد سقوط النظام السابق عام ٢٠٠٣ .
ما يعانيه العراق الدولة ،وما يواجهه العراق الدولة اذاً هو نتاج مواقف و قرارات أُممية لم تنصفْ العراق ، ونتاج اخطاء سياسية  وقانونية و ادارية للسلطات الدستورية المتعاقبة ،  خلقت ظروفا وبيئة فساد و تخلّفا شملت العراق ، وبمختلف الجوانب،لاسيما في مكانته  ودوره .
القرارات الامميّة تناولت العراق منذ تسعينيات القرن الماضي، حين أقدمَ النظام السابق على غزو الكويت . لم تتناسب القرارات ، في مداها الزمني و لا في آثارها التدميرية على العراق دولةً و شعباً مع حجم و اثار الاعتداء على الكويت: تّمَ غزو الكويت بتاريخ ١٩٩٠/٨/٢ ، وأكمل النظام السابق  احتلاله للكويت بتاريخ ١٩٩٠/٨/٤ . مدة الاحتلال لم تتجاوز سبعة شهور ،حيث تّمَ تحرير الكويت بتاريخ ١٩٩١/٢/٢٦ . خضعَ العراق لحصار شامل و جائر على الشعب ، بموجب قرار مجلس الامن المرّقم 661 بتاريخ ١٩٩٠/٨/٦ ، اي بعد  اربعة ايام من تاريخ غزو الكويت . السرعة التي تّمّ بها اجتماع مجلس الامن واتخاذ القرار وتطبيقة توحي بوجود سيناريو مُعّدْ مُسبقاً بتوقيتاته وبأهدافه تجاه العراق .
 رُفِعتْ العقوبات المفروضة على العراق ، وبموجب قرار مجلس الامن ، المرقم 1483 ، بتاريخ ٢٠٠٣/٥/٢٢ ،  ولكن لم يتمْ رفع الحصار ، حيث خوّل القرار المذكور الادارة الامريكية و حلفاءها بالاشراف الكامل على ادراة الحكومة المؤقتة للعراق ، وعلى ثرواته النفطية، كما نصّ القرار المذكور على قيام الامم المتحدة بتسمية مندوب او ممثل عنها لمساعدة الحكومة المؤقتة في العراق .
مما تقدّم ،يستنتج القارئ مايلي: تَّم تحرير الكويت بعد سبعة شهور من يوم الغزو  والاحتلال ، ولكن لم يتحرّر الشعب العراقي من العقوبات الاقتصادية الاّ بعد 13 عاما!
لم يخرج العراق من العقوبات الاخرى المفروضة عليه بموجب الفصل السابع لميثاق الامم المتحدة الاّ في /٢٠١٧/١٢/٩! اي بعد ما يقارب عقدّين من تاريخ احتلال الكويت!
ولكن هل خرجَ العراق اليوم من الحصار السيادي و العسكري المفروض عليه بموجب القرارت الأممية ،وهل تحرّر العراق اليوم من أثار تلك القرارات المالية  والتعويضية، والتي شابها خطأ وتضليل وتجاوز لصلاحيات الامم المتحدة ، لاسيما في مسألة ترسيم الحدود، وتميّزت بالتعسف والمغالاة تجاه حقوق العراق !
    اليوم ، الادارة الامريكية  والامم المتحدة و من خلال ممُثليهما وبعثاتهما المتنوعة  والعاملة في العراق يقومان بدور اساسي ومهم في رسم وتوجيه سياسة العراق ، ويساعدهم على ذلك بعضٌ من الطبقة السياسية ومن مختلف المكوّنات ومن ادوارهم الحزبية او الرسمية ،من خلال ممارسة مهامهم الدستورية و الوظيفية .
     أصبحَ ممثل الامم المتحدة في العراق ،و سفير دولة مُعتمد لدى العراق، مَرجعاً لهذا او لذاك الحزب او المسؤول او النائب ، فعلامَ اذاً نلومُ الآخر ونتهّمه بالتدخل في شؤون العراق ؟ البعض همْ مَنْ يمهّدون الطريق لهذا التدخل ويرهنون مصيرهم  ويتبنوّن مواقفهم على ضوء ما يراه هذا الآخر !
      الانتخابات التشرينيّة ،التي مضتْ ، جسّدت ما ذكرته اعلاه ؛ مشاركة الخارج من هيئات و منظمات و سفارات للرقابة كانت اهّم و اكبر من مشاركة الداخل ؛ الخارج باركَ وصادق على اجراءات الانتخابات ونتائجها ،بينما الداخل شهدَ عزوف المواطنين عن الانتخابات ، وشهدَ ويشهد تظاهرات الاعتراض على النتائج ؛ رقابة الخارج  على الانتخابات تحّولت في نهاية المطاف الى اشراف على الانتخابات ،من خلال الفرز الالكتروني و ما يصاحبه عادة من امكانية التلاعب و التزوير ، و من خلال تأييد و مُباركة الانتخابات و الاشادة بنتائجها قبل المصادقة على نتائجها من قبل السلطات العراقية المختصة .
       البعض من الطبقة السياسية بدورهم الحزبي او الوظيفي والرسمي ساهموا و يساهمون في عرضْ العراق دولة و ثروات الى متاهات التدخل الخارجي و المصالح الاجنبية . هذا البعض لا يُميّز بين علاقة العراق مع دولة اخرى و ارتهان العراق لمصلحة دولة اخرى.