الموقفُ من الاحتِلال ....
تعرَّضتْ قوات الحشد الشعبي إلى ضربة أمريكية على لواء ١٤ ولواء ٤٦ على الأراضي العراقية، وذهب ضحيتها عدد من الشهداء، وهنا نستعرض الموقف العراقي الرسمي وغيره
أوّلاً: بيان وزارة الخارجية العراقية : بيان الخارجية العراقية بخصوص القصف الأمريكي للقوات الأمنية العراقية على الحدود العراقية السورية يحتوى على خبثٍ وغباء، فالبيان يقول في أحد فقراته: ((أن الخارجية العراقية ترفض استعمال الأراضي العراقية لتصفية الحسابات)).وهنا يأتي السؤال: تصفية حسابات بين مَن ومَن؟ فهي قوات أمريكية قصفت قوات عراقية في العمق العراقي وعلى حدود الدولة العراقية، فما علاقة الحديث عن تصفية الحسابات بهذا الاعتداء؟!
الحديث عن تصفية الحسابات يعني: أنَّ القوات الأمريكية قصفت قوات لطرفٍ ثالثٍ في الأراضي العراقية!! وكلّ ما يزعج الخارجية هو انتهاك (سيادة العراق)! فهل كان الأمر كذلك؟ بينما هذه الجملة ((الخبيثة)) تريد تبرير الجريمة الأمريكية، وأنَّ القوات التي قصفها الطيران الأمريكي هي قوات ليست عراقية!وكيف تكون قوات الحشد ليست عراقية وقبل يومين تستعرض تلك القوات أمام ((القائد العام)) في مدينة ديالى العراقيّة!!! مَن يتابع كلمة وزير الخارجيّة في روما، والتي كانت لقوات مايسمّى بالتحالف الدولي أكّد فيها وزير الخارجية على حاجة العراق لقوات التحالف،ورفضه التدخل الخارجي، وتصفية الحسابات على أرض العراق واحترام سيادة العراق، وقراره السياسي؛ لذا قال وزير الخارجية الأمريكي من مؤتمر روما بتأريخ ٢٨/ ٦/ ٢٠٢١ (( استهداف فصائل عراقية مرتبطة بإيران )) حسب تعبيره وقال: ((والحكومة العراقية تدين هكذا استهداف وهي مضيفة لهذه القوات الدولية)).
ثانيّاً: من الذين أدانوا العدوان على الحشد الشعبي في مدينة القائم هم :
١- مكتب القائد العام للقوات المسلحة، وتم تسميته بأنه عدوان أمريكي.
٢- الفتح والقانون وكتلة النهج الوطني ، وكانت عبارات واضحة وصريحة وجادة في إنهاء الوجود الأمريكي في العراق .
٣- السيد مقتدى الصدر مع أنّه يغرد كل يوم، لكن هذا الأمر لم يحمله أن يصدر أي بيان وكانت تغريدته بذات اليوم دعماً لمها الدوري في مناظرتها مع المفكّر غالب الشابندر واصفاً إياه بأنّه ((أمر صحيح ويحتاج إلى أن يكون الحوار أكثر تحضُّراً)) ربما يشير الى المنهج الحضاري في ذبح وسام العلياوي في العمارة وتعليق جسد البطاط أمام والدته وحرقة وسحله وتقطيع أوصاله بواسطة كريم الوسخ .
ثالثاً: بيان السيد عمار الحكيم باعتباره رئيس ((قوى الدولة)) كما يصف موقفه وتحالفه مع العبادي، إلّا أنه لم يُشرْ إلى أنَّ هذا العدوان مصدره أمريكا، بل كانت عبارته أنه مجرّد تعرِّض مُدان دون الإشارة الى مصدره والى انتهاكه لسيادة الدولة كون الحشد الشعبي جزء رسميّ - بموجب الدستور - من الدولة، مع أنَّ الأمريكان اعترفوا بهذا العدوان على لواء ١٤ ولواء ٤٦ في القائم، وقد وبالغ عضو الهيئة القيادية لتيار الحكمة (( الوطني )) بقوله في برناج ( الحدث العراقي ) بقوله (( الضربات الامريكية هدفها ضبط الحدود السورية العراقية ))، فالرجل منح الشرعية لهذا العدوان وربما يقصد شي آخر لكن هذا ما تم تناقله عنه ولم يصدر منه أي نفي .
رابعاً: الفتح وعلى لسان أمينه العام السيد هادي العامري قال : أبلغنا الحكومة بموقفنا من الوجود الأمريكي هو الانتقال من الجدولة إلى الانسحاب .
خامساً: مستشار الأمن الوطني العراقي صرّح للجزيرة بتأريخ ٢٩/ ٦ / ٢٠٢١ : العراق ليس بحاجة إلى قوات قتالية أجنبية ولديه ما يكفي من قواته، و سيتم الاتفاق خلال زيارة رئيس الوزراء لواشنطن على جدولة الانسحاب الأمريكي من العراق.
سادساً: حامي الدستور برهم صالح: أدانت رئاسة الجمهورية، وذكرت في بيانٍ لها أنَّ (التصعيد الحاصل هو مدانٌ، ويمثّل خرقاً للسيادة العراقية وللأمن الوطني ويقوّض الجهود الوطنية القائمة لتحقيق وتعزيز الأمن والاستقرار)، مشيراً إلى أن (العراق يجدد رفضه أن يكون ساحة للصراعات والمحاور، كون ذلك يتنافى مع المواثيق الدولية)، وأضاف، أنَّ (الاستهداف الأخير وما سبقه من حوادث قصف على أربيل وفي مناطق أخرى مدانةٌ وخارجة عن القانون ولا تصبُّ في المصلحة العليا للبلد)، داعياً إلى (رفض الأعمال العدائية من أي طرف وبأيّ شكل من الأشكال). وبهذا يتضح بيان برهم بأنَّه لايختلف ولا يتخلَّف عن بيان الخارجية الأمريكة الخبيث
وهنا عدد من الملاحظات :
١- يبدو ان الموقف الشيعي أولاً منقسم بين من يصرُّ على ترحيل القوات الأمريكة وإنهاء وجودها في العراق، وبين من يراها قوات صديقة تمارس العدوان بسبب تلقّيها ضربات من جهات تابعة لإيران،وهذا الموقف للخارجية الأمريكة والعراقية،وينتهي اليه موقف العبادي وعمّار ومقتدى .
٢- يبدو للمراقبين أنَّ الوجود الامريكي أصبح ملفاً ساخناً مصيريّاً عراقيّاً غير مرتبط بإيران، فإنَّ أمن العراق يستدعي ترحيل الاحتلال الأمريكي ،ويتم إنضاج هذا القرار لطرد هذه القوات، وسوف تتصارع الروايتان في العراق من الشيعة وتترجَّح كَفّة الميزان مستقبلاً حسب تدخُّل الكرد،والسنة،والسفارات، والجوكر، وحسب قوة الجهات والحسابات الانتخابية لكلٍّ منهم، فالذين يقفون موقف المُهادن مع أمريكا يريد الحصاد السياسي في بيدر الانتخابات المقبلة، وسوف تظهر تداعيات ملف الاحتلال الأمريكي على الانتخابات القادمة وعلى مراحلها الّلاحقة، فهناك أُتون المعركة بين الذي يستثمر في السياسة والمناصب على حساب الدم العراقي، وبين الذي يدافع عن الدماء والدولة والسيادة مهما كان الثمن، وعلى الأخير تعبئة الجماهير له بهذا الاتجاه لأنّ العراق مقبل على معركة فاصلة مصيرية وجودية .
التعليقات