"أمريكا أولا" شعار ترامب والحرب في أوكرانيا.


منذ أن بدء الرئيس الامريكي، جو بايدن، حملته الانتخابية في 2020، أكد على أهمية الداخل الأمريكي، خاصة مع أزمة انتشار فايروس كورونا، وتداعيات هذا الانتشار على كل المستويات العالمية، بالإضافة إلى ملفات كانت قد نتجت عن سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب، وذلك في منطقة غرب أسيا، مثل الملف النووي الإيراني وأفغانستان وصفقة القرن، والحرب الإرهابية على سوريا، والأخيرة تحديداً والعلاقة الروسية السورية، التي فتحت منافذ أُخرى أطلت على حقيقة العلاقات القائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية، والدول التي تنافسها، أو لنقل تلك الدول التي تحسب لها الولايات المتحدة،عبر تاريخ حروبها ومعاصرتها لها، كروسيا الإتحادية وتحديداً سياسة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

ومن هنا انطلقت موجات الغضب السياسي الأمريكي، بعد التقدم التي حققته روسيا الحليف الصديق لسوريا في حربها، وبدأ حلف الناتو اتحاده الذي يحاول فيه جر المزيد من الدول للإنضمام إلى هذا الحلف العسكري، في محاولة لزرع القلق في قلب أوروبا الشرقية القريبة من الحدود الروسية، ويعتبر الملف الأوكراني أهم الملفات التي تخدم مصلحة واشنطن في ضعضعة الأمن المحيط بالدب الروسي، لأن العلاقة العدائية هنا هي في سياسات الرؤساء، والمواجهات التي تحدث على مستوى العالم لإظهار والحفاظ على منطق الأقوى، وهذا ما يشغل بال الولايات المتحدة الأمريكية كقوى عظمى، فلا تعددية قطبية تهدد الوجود الأمريكي.

فهل استطاع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تحقيق الضمان لكرسيه في الانتخابات القادمة؟، أم أن سياساته الخاطئة لم تعجب الداخل الأمريكي والحزبين الجمهوري والديمقراطي، وزاد من حدة الانشقاقات في الرأي خوفاً على الشعب الأمريكي من تداعيات سياسات جو بايدن؟.

 وهل سيفتح هذا الخطأ الذي ارتكبه الرئيس بايدن في دعمه أوكرانيا باباً لخروجه من البيت الأبيض واحتمال عودة الرئيس ترامب إلى الحكم مجدداً وانه يستحق شعار "امريكا أولا"؟.
حيث أن الانقسام الأمريكي ظهر جيداً في استطلاع للرأي لقناةCNN ، بيّن موقف الامريكيين بنسبة 20% منهم يرون أن بلادهم تقدم مساعدات كثيرة لأوكرانيا بازدياد 13% عن استطلاع مماثل جرى في شهر أذار الفائت، بالإضافة  إلى تصريحات رئيس النواب الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي "كيفين ماكارثي"، معلناً معارضته التدخل والتمويل الأمريكي للملف الأوكراني، وقال: أعتقد أن الناس الذين سيواجهون ركودا اقتصاديا لن يكتبوا شيكا أبيضا لصالح أوكرانيا لن يقوموا بذلك".

وفي المقابل أعلن السيناتور الجمهوري "ميتش مكونيل" عن موقف مغاير بأن قال: "على إدارة بايدن وحلفائنا بذل المزيد من الجهد من أجل تزويد أوكرانيا بما تحتاجه من أدوات لمواجهة الدب الروسي".

سجالات سياسية حادة تظهر داخل الكونغرس وهي انعكاس لواقع الداخل الأمريكي الذي تأثر بفايروس كورونا، والآن بالدعم الأمريكي لأوكرانيا. فما هو احتمال التصادم بين الولايات المتحدة وروسيا مباشرة ؟.

على ما يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول جرّ الدول الاعضاء بالناتو، والذين هم على الحدود الأوكرانية، بولندا وسلوفاكيا والمجر ورومانيا، للتجهز في حال قرر حلف الناتو استعمال القوة، لوقف التقدم الروسي، لدرء الخطر الذي تسببته العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا في تدهور الاقتصاد الأوروبي، واحتمال ازدياد البرود في العلاقة السياسية الأوروبية الأمريكية، رغم إظهارها تحالفات ثابتة مقاومة للصقيع الروسي، والقادم من الأيام سيبدد الضباب الملتف على هذه العلاقات الدبلوماسية، التي في أساسها تعمل على الحد من الحروب، لكن واشنطن دائماً تجره إلى حروب تختارها وفقا للحظة التي تجد فيها نفسها عالقة في أتون صراعات، لايمكن صدها بمنطق التعنت السياسي  "عندما تتكلم أمريكا فليصمت الجميع". وروسيا من أوائل الدول المنافسة لأمريكا والتي لا تصمت.